تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان
(بداية الخلق )
مرحلة الماء
مرحلة الدخان
مرحلة الرتق والفتق
مرحلة التكوين للخلية
مرحلة النبات والكائنات الحية
مرحلة مابعد النفخة.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شئ قدير)
لم يآمرنا بمثل هذا إلا لعلمه سبحانه وتعالى بأن الإنسان سيحاول البحث عن البدايات الأولى لتكوينه ومعرفة بداياته .. فهي من أبجدياته الفكرية والعلمية، لذا حفزه إلى ذلك بعد أن جعل له تعقلا ً يستخلص به من كل حدث جزءاً ليـُكـون بعد ذلك صوراً تتشكل أمام عينيه وفي صفحات خياله عن الخلق الأول الذي أستقرأهُ البعض على أساس أنه هياكل وتماثيل؟ .
وقال أيضاً: ولقدصرفنا في هذا القرآن من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء، جدلا· )
لاحظوا ماذا قال ؟قال ، من كل مثل ،
يعني كل شي ذكره الله في عالم الغيب أوالشهادة له مثله في القرآن وإشارة تشير إليه وقرينة تقربنا منه ، حتى نوره سبحانه وتعالى قد ضرب له مثلاً حين قال ،مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة )
وذلك في النورالمحمدي الخاتم الذي أضاء نوره كل الأرض بإذن ربه,
وقال ايضاً:
،وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماء)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء،) ،
ومن هذه البداية التي لانعلم ماقبلها ننطلق .
ونحلق في عالم التكوين الأول للكون و الكائنات على وجه الأرض وعلى أجنحة السماء من خلال دلالات الآيات السابقات والتاليات وإشاراتها،
فجميعنا يعلم بأن الماء هو سر الحياة الأول وأسها ولنا أن نسمي هذه المرحلة ،مرحلة الماء،
كما قال ذلك تعالى (وجعلنا من الماء كل شئ حي )،
و يندرج تحت هذا المفهوم جميع المخلوقات كالجن والأنس والحيوانات والنبات وغيرهم من مخلوقات الله ،
لكن قبل أن نبداء يجب أن نقف عند قوله تعالى (في ستة أيام ) فنحن نعلم أنه لم يكن هنالك أيام تذكر قبل أن تخلق السموات والأرض، وقبل سقوط أول شعاع للشمس على سطح الأرض وقبل بداية دورانها وقبل تكون الليل والنهار؟ فما هو المقصود إذا ً بالأيام الست في هذه الآية؟؟
إن أيام الله التي ذكرها لنا في قرآنه .. بعضها تساوي الف سنة مما نعد وبعضها خمسين الف سنة وربما هنالك أكثر أو اقل لانعلمها نحن،
ولكننا ومن هذا الإلماح نستنتج بأن المقصود بالأيام هو مراحل زمنية تطورية متساوية وليست أيام بمفهومنا المتعارف عليه كالسبت والأحد وباقي الأيام ، كماقال اليهود إن الله بداء الخلق يوم الأحد وانتهى منه يوم الجمعة وخلد إلى الراحة يوم السبت وقد كان من نتائج هذا القول أن المسلمين أخذوا به فقالوا أن الله جعل الجمعة للمسلمين لأنها أخر يوم خلق فيها السموات والأرض وفي أخر ساعة منها خلق آدم ؟ وقال النصارى أول يوم بداء الله به الخلق هو يوم الأحد فاتخذوهُ عيدا وكذا اليهود يوم السبت ،
ولكن نحن نخالفهم جميعا ًو نقول: أن هذه الأيام لم تكن مخلوقة ولا مسماة أصلاً لأن الشمس لم تكن بعد قد خلقت كذلك الأرض فكيف تكون أياما ممانعلمه ونحسبه وعناصرتكوين هذه الأيام لم تخلق بعد؟
،وأنظروا معي إلى قوله تعالى ،(إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ...)
يوم خلق السموات والأرض
يوم خلق ؟
فبهذه الآية تتضح ملامح الصورة التي تقول أن الأيام الست المقصود بها هي مراحل زمنية مقدرة في علم الله وعددها ست مراحل متساوية،أسماها الله أياما.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا الآن هو :
كيف كانت بداية خلق الكون من الماء وتنوعه ؟،
(الماء سر الحياة )
هل تبخر بفعل أمر الله (كن) لينتج عن ذلك غازات ضخمة عملاقة تشكلت منها السموات بعد أن تماسكت بفعل البرودة، كما نرى مثالا ً لذلك في تشكل السحاب المتكون من بخار الماء ؟
أم أن الماء تجمد فأصبح كتلة ذات كثافة عظيمة ثم فتقت بعد أن كانت رتقا ً: قال تعالى:
((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} 30 الانبياء)
أم أن علما ً وأمراً إلهياً صدر عن قول ، كن ،فكان ،أن تخلـَّق الماء بأشكال ٍ مختلفة كل شكل له قانونه ونظمه نتج عنها تنوع في الموجودات والمخلوقات ؟
؟؟ إن القول الفصل في هذا بالتاكيد لله سبحانه وتعالى ،فهو العالم به والعليم بالكيفية ، لكنه سبحانه وتعالى ألمح لنا بآيات تدلل على شئ من الأشارة إلى ذلك ،حيث قال: (وَهُوَ الذى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا*لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا*وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} 48-50 الفرقان.)
الطهر:
هنا هو النقاء و التنزه عن كل نقص ودنس وقبح أى الكمال, ولله الكمال..... ولعل الجميع يعرف عن خصائص الماء الكيمائية والفيزيائية التي لا داعي لشرحها ،
ومن هذا المنطلق نفهم أن الماء الذى أودع الله تعالى فيه سر الحياة هو ماءٌ طهور, أى كامل الخلق وليس بالضرورة طاهر بالمفهوم الشرعى... ولما كان الكمال لله وحده فلن يستطيع الإنسان أن يخلق ما خَلَق الله وجعل فيه سر الحياة المطلق!.
(مرحلة الدخان )
وإلماحه أخرى في قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )
ولعلنا ومن خلال هذه الآية نفهم أن الماء تبخر تحت درجة حرارة لايعلم مقدارها إلا الله .
ثم بداء التكوين والتشكيل للسموات والأرض ..وكأنه سبحانه يقول لنا في أشارة واضحة أن السماء كانت دخان ،أي بخار كثيف بفعل تبخر الماء في مساحات هائلة قدرها هو .... فمرت بمراحل التشكيل النوعي الذي جعلتها بعد ذلك كما نراها الآن متنوعة العناصر,
وإليكم هذه الآية التي تصف أمرا يشير ويؤكد ماذهبنا إليه قال تعالى: (وهو الذي خلق الّيل والنهار والشمس والقمركل في فلك يسبحون) عبارة يسبحون هنا تشير وبوضوح إلى أن الشمس والقمر والليل والنهار كلها تسبح في ماء الكون الذي هو البخارالصادر عن تحول الماء... سر الحياة الأول ،
وماتوسع الكون وبشكل مضطرد إلا بفضل تلك الغازات العملاقة التي تتمدد في أرجاء المساحة المتاحة لها ،وستعود إلى الانكماش حين يشاء الله ذلك لتطوى كطي السجل ، والله أعلم .
(مرحلة والرتق والفتق)
ولكن ماهي السموات ؟
هل هي طبقات ذات سقوف غير مرئية ؟
...أم هي أنبثاقات تولدت من بعضها البعض كحلقات الماء لتكون البناء الإلهي العملاق الذي نشاهده ؟
أم هي أفرع سبعة لشجرة الكون والتي يُعرفها القرآن بسدرة المنتهى من وصل إلى نهايتها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم حين أعرج به إلى السماء فرأى من آيات ربه الكبرى ، والتي تتمثل صورتها على شكل كلمة لاإله إلا الله محمد رسول الله ، شجرة طيبة أصلها ثابت على ماء الحقيقة وفرعها في سماء الأفق الأعلى ؟؟
ام هي حجب مدائية ( من وراء حجاب ) برزخية فاصلة واقعة بين عالم الوجود وذات الإله ؟
الله أعلم .
لنكمل التأملات :
وقبل أن يفتق السماء والأرض خاطبهما ليقيم عليهما الحجة بأن تكونا مخيرتان أو مسيرتان ،فأختارتا التسيير والخضوع والإذلال والطاعة ،فأحكم قبضته عليهما ثم أكمل البناء العملاق للكون وأوجد فيه كل مايحتاجه ،
وفي هذه الفترة لم تكن الأرض قد كمل بنائها كما يجب وكما قنن لها بعد مرحلة الفتق التي جاءت بعد مرحلة الرتق لتأتي مرحلة التكوين ،
(قال تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)
بهذا اكتملت متطلبات الحياة المتوازية بين الاستقرار للأرض وبين خلق الأرض والسماء ومابينهما من الماء الطهور ،وبدأت الأرض تتزين بما خصها الله من موجودات ....كما بدأت الحياة فيها تدب شيئا ً فشيئا لينتج عنها تنوع في الكائنات ...
من خلال أنواعاً من النباتات التي كانت هي أصل النشاءة الأولى لجميع الكائنات الحية على سطح الأرض والتي أتت من الماء والتراب... ولكن لم يتم هذا في سته أيام كماقيل من يوم السبت إلى الجمعة... بل في مراحل ستة يعلم مقدارها خالقها سبحانه وتعالى ،
(كل المخلوقات الأرضية بدأت نباتا ً ؟)
(مرحلة النبات والكائنات الحية)
قال تعالى )( سبحان الذى خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون))
سنترك عبارة ،ممالا يعلمون لمن هو عالم بها ، لأنهاتخاطب كل العصور وكل الأجيال فهي من الغيبيات التي لاتـُنال بالعقل .
ولكنه سبحانه قال أيضا ً (ما لكم لا ترجون لله وقارا(و قد خلقكم اطوارا ،
الم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا ، و جعل القمر فيهن نورا و جعل الشمس سراجا ، و الله انبتكم من الارض نباتا ،
ثم يعيدكم فيها و يخرجكم اخراجا ،و الله جعل لكم الارض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا )
الم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا ، و جعل القمر فيهن نورا و جعل الشمس سراجا ، و الله انبتكم من الارض نباتا ،
ثم يعيدكم فيها و يخرجكم اخراجا ،و الله جعل لكم الارض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا )
وهذه الآيات تنفي تماما القول بأن آدم خلق كتمثال ثم نفخ فيه كما ورد ذلك في جميع التفاسير التي استندت على الإسرائيليات .. وكذلك سائر الكائنات الحية ،
(سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض )
فالتمثال لاحياة له وإن نفخت فيه الروح لأن عناصره غير كاملة ..والإنشاء معناه الترقي من أدنى إلى أعلى ومن خلق أدنى إلى خلق أعلى فكيف يكون الإنشاء في تمثال ؟
،وكذلك الإنبات يعني المرور بمراحل خلقية مختلفة تتفاوت وتتنوع فيها أشكال و صور الحياة للمخلوقات عبر مراحل زمنية متتالية.....لتتفرع منها الكائنات التي لايعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى وماكان الإنسان إلا حلقة من سلسلة حلقات الأحياء والدوائر التكوينية المتطورة والمترقية بعضها والأخرى المنقرضة
ولعلنا نستدل بأن اللبنة الثانية للإنسان كانت من نبات الأرض والتي كان مختلفا ً كفصيلة فريدة عن بقية النباتات ،من خلال آيات قالها الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام لقومه وهم الذين كانوا قريبي عهد بالخلق الأول حين خاطبهم بقوله ((ما لكم لا ترجون لله وقاراً ... {وقد خلقكم أطوارا}. وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا)
وهي آيات واضحات وصريحات تدل بوضوح على أن الإنسان تشكل من ماء ثم ماء وتراب ثم طين فتشكل الطين على شكل خلية صلبت كالفخار ثم أنبت نباتا ً ؟
وكلنا يعلم بأن قوم نوح هم قومُ ُ كفروا بربهم وكانوا قريبي عهد بعصر النفخة وماقبلها ،و هنا نهمس في أذان مروجي ألإعجاز العلمي في القرآن والذين كلما أكتشف أمر ما له ارتباط بماورد ذكره في القرآن الكريم تهافتوا للدعاية له و لنشره ،
كماهو الحال في هذه الآية التي يقول الله فيها وقد خلقكم أطوارا ،ففسروها علميا ً أنها تتحدث عن أطوار الجنين في بطن أمه ؟؟
فنقول لهم وماشأن الجنين في بطن أمه عند قوم نوح وهم لايعرفون الميكروسكوب ولاغيره من الأجهزة الحديثة المجهرية المكبرة ليروا من خلالها تطور الجنين ؟
فالآية ياقومي لاتعبر إلا عن الأطوار الأولى لتكون البشر الأول من ماء طهور....ثم...ثم...الخ، والذي قلنا أنه أنبت نباتا بعد ذلك ، وهذا بعد أن تكوّن هذا النبات من الماء ومن التراب ثم الطين ليتشكل منها شكلا ما يقرب من هيئة الإنسان الحالي ، ثم تلى هذه المرحلة أنفصال تام عن النبتة التي كان الإنسان متصلا ً بها ومرتبطا بتلك المراحل الأولى النباتية التي مر بها وهي الماء والتراب ثم الطين ثم الطين اللازب ثم الحماء والصلصال ، ولربما كانت هذه المراحل هي مرحلة البذر الأول ثم النبتة التي شكلته وصورته وأبرزت ملامحه البشرية التي تختلف عن عصر مابعد النفخة ،قال تعالى (خلق الإنسان من صلصال كالفخار)وقال أيضا ً ( إنا خلقناهم من طين لازب)واللازب هو المتماسك والذي لصق وصلب وهذا يدلنا إلى أن التكوين الأول للإنسان كان في أماكن غير معرضة لأشعة الشمس بشكل مباشر وهذا نستشفه من خلال الطين ثم الطين اللازب لأن لو كانت معرضة لأشعة الشمس لأصبح فخارا أو طينا ً يابسا ً، ثم بعد هذه المرحلة التخميرية وصلته أشعة الشمس فكان كالحماء المسنون ثم كالفخار فتشكلت من هذه الهندسة الربانية نبتة البشر الأولى أو (الخلية ) التي كانت محددة وغير محددة فلاهي ذكر ولاأنثى فأنقسمت إلى حالتين ثم إلى أكثر لتتلاقح عن طريق اللاجنس ثم تحدد نوعها وتشكلت هندستها لينتج عنها نوعين كاملين متقابلين مختلفين يسمى كل واحد منها بالزوج ، فتنوعت وتكاثرت، ثم جاءت مرحلة الخلق الأخر الذي هو البشر قال تعالى((خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهارويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل ٍ مسمى ألا هو العزيز الغفار،خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا ً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لاإله إلا هو فأنّى تصرفون )) والنفس الواحدة هنا هي الخلية الأولى التي مرت بمراحل الأنقسام ،ثم ، جعل منها زوجها ،وليس كماقيل من ضلع آدم ؟ فهو قد قال من نفس ٍ واحدة وليس من جسد ٍ واحد فالنفس لابد وأن تكون مماثلة لزوجها ومن نفس التكوين والمصدر، ولكن في الضلع والجسد لاتماثل بينهما بل استقطاع واستجزاء وإنشاء واختلاف ؟
وقال أيضا ً
({{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ{75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{77} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{78} قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{79} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{80} إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{81} قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{83} قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ{84} لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ {85} }}
وهذه الآيات تحكي حديث الخالق مع الملائكة في أنه سيخلق من الطين بشرا ً(والبشر هنا لايعني فردا واحدا ً لأن بشر ،ترمز لأسم جنس وكثرة ) فأمر الملائكة أنه إذا خلقه وسواه ُ ونفخ فيه عليهم الخضوع له ... ،وهذا بالطبع لم يكن كلمح البصر(كماقيل في عصر يوم الجمعة ؟ ) مع علمنا وإيماننا المطلق بقدرة الله على فعل هذا ولكن التطور مر بقانون الله الكوني الذي وضعه بدقة متناهية لاتفاوت فيه وسنة من سننه التكوينية التي وضعها في كتابه السماوي ،كرسيه ،حيث مر خلق البشر بمراحل متعددة متوازية مع مراحل التكون الطبيعي للأرض والكائنات الأخرى ، ولعل العلة في عدم فهمنا لخلق آدم من تراب هو أننا ننظر إلى هذا القول من وجهة نظر سطحية وإسرائيلية ، تمثالية؟
فجميعنا يعتقد أن الماء مـُـزج مع التراب ، فأصبح طيناً ثم جفف فاصبح فخارا كالذي نصنعه نحن ، ، ثم نفخ فيه الروح فأصبح حيا ً ولم نتأمل إلى كيفية تكون النباتات في الأرض والتي تحتاج إلى تراب وإلى ماء وإلى حرارة وهواء ،وكيف أنها تتشبث بالتراب (الأرض )وتتماسك لكي تستطيع أن تنشر جذورها في باطن الأرض لتخرج أشكالا ً مختلفة على السطح وعما كانت فيه من بذر أول، وكذلك كان خلق البشر .
وتأملوا قوله تعالى ،من سلالة من طين ؟ فالطين تشكل على مدى فترة من الزمن من الماء والتراب وليس بصورة صنع التماثيل ؟لأن الأصل الأول في الحياة هو الماء ومنه تكونت ذرات التراب التي تماسكت ذراتها بفضل الماء... ومن الماء والتراب تكونت كل عناصر البشرماعدا (الروح التي أتت بالعقل والتعقل والإدراك بعد ذلك)؟
والخلق في الآيات السابقات غير الجعل فالجعل يأتي من شئ موجود(وجعلنا من الماء كل شئ حي ) وهذا تأكيد على أن آدم الأول بداء من سلالة طينية ثم مر بمرحلة الإنبات ثم أنتهى بمرحلة البشر التي سبقت النفخة ثم بشر مابعد النفخة..والذي أسماهم الله بآدم ...لاحظوا معي هذه الآية التي فيها الكثير من الدلالات للمتدبرين (ولقد خلقناكم ــ ثم صورناكم ــ ثم قلنا للملائكة
اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين)
اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين)
صيغة المخاطبة هنا جاءت كلها بالجمع لآدم الجنس؟؟؟ فهل لاحظتم هذا ؟
وإن هذا ليؤكد ماسوف نأتي إليه ، وهو أن آدم هو أسم جنس وليس أسم فرد !،
، فآدم المقصود به هنا هو المجموعة التي أتت من سلالة البشر الغير عاقلة المتشكلة من المراحل الترابية ثم الطينية ثم النباتية حتى وصلت إلى البشرية؟
بشر ماقبل النفخة الذي سواه الله فكان آدما...أسجد له ملائكته ، البشر الذي أصبح بفعل النفخة مكرماً يستحق سجود الملائكة وخضوعهم ، ولو لاحظنا إلى الخطاب القرآني الموجه لضميرآدم سنلحظ أنه لا يذكر إلا آدم فقط ؟ و لم يذكر حواء أو الأنثى مطلقاً؟ لعرفنا أن آدم هو أسم جنس ،كالبشر ،والإنسان ،والخيل وغيره .
ماء
ثم ماء وتراب = طين
طين لازب بفعل عدم تعرضه للشمس
الطين اللازب مع أشعة الشمس =صلصال
الفخار مع أشعة الشمس الزايدة = الحماء المسنون (الخلية الأولى للنبات )
الخلية وانقسامها مع التلاقح = نبات البشر الأول ؟
نبات البشر الأول مع التلاقح اللاجنسي = البشر اللاواعي(بشر ماقبل النفخة
بشر ماقبل النفخة با الإتصال الجنسي اللاواعي =بشر الفساد وسفك الدماء
مجموعة من بشر ماقبل النفخة بفضل نفخة الروح = آدم العاقل الخليفة الذي خضعت له الملائكة .
لنكمل التأملات :
وبما أنه من نبات وأخرج من الأرض فمن البديهي أن لايكون فردا ً واحدا ً فقط أي شجرة أو نبتة واحدة لا شبيه لها ،بل لابد لها من تنوع وتلون وكثرة، ولكن أصلها واحد (من نفس واحدة ) وهي الخلية الأولى والتي كما قلنا انقسمت أو لنقل فتقت ، لينتج عن انقساماتها تنوع آخر غير محدد الجنس ثم جعل منها زوجها الذي تم من خلاله تلقيحها لتبداء مرحلة التكاثر والتنوع والإثمار..؟قال تعالى (خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهارويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل ٍ مسمى ألا هو العزيز الغفار،خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا ً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لاإله إلا هو فأنّى تصرفون ) آيات كريمات بدأت بذكر الله لخلق السموات والأرض ثم ماتحتاجه من تشكل ثم أتت بذكر الخلق الأول للإنسان الذي بدأءه من نفس واحدة وهي الخلية التي خلق منها زوجها فيما بعد ،فحرف العطف ،ثم ،يفيد الوقوع الزمني المتراخي الغير متتابع وهذا ماقلناهُ سابقا ً أن الخلية مرت بمرحلة الأتقسامات المتعددة حتى تكون منها زوجها المقابل لها في النوع المرتبط بها جنسيا ً .
وإن هذه المشاهد لنراها يومياً في حياتنا اليومية في أرحام النساء حين التلقيح ؟،فحين إفراز المبيض لبويضته تنتظر التلقيح من الذكر الذي يكون حاملاً للنوع ثم بعد التلاقح يتم الأنقسامات ولايتحدد نوع الجنين إلا بعد أن يمر بمراحل عدة وهو مثال مبسط للخلية الأولى ،النفس الواحدة التي لم تكن لاذكر ولا أنثى مخلقة وغير مخلقة ،وليس كمايقال النفس هي آدم ،وأما عن التكوين الآخر الذي بعد أن أصبح الإنسان عاقلا ً قال عنها (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا ًخفيفاً فمرت به فلما أثقلت دعو الله ربهما لئن أتيتنا صالحا ً لنكونن من الشاكرين فلما أتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما أتاهما فتعالى الله عما يشركون )
وقد قالوا في تفسير هذه الآيات ماقالوا ومما قالوا أن آدم لم يكن يعش له أبناء فلما دعا ربه رزقه بولد فسماه عبد الحارث ؟عبد الحارث ،يعني عبد إبليس ؟الخ ؟يعني أن آدم وحواء أشركا بربهما ؟،
ونحن نقول إن هذه الآيات ياقومي تتحدث عن صنف من الناس غير معين ولاتعني بالضرورة أحداً بعينه فهي تتحدث عن نعمة الله وكيف خلق الإنسان من نفس واحدة وهذا بعد أن أصبح جنسا ً بشريا ً عاقلا ً ثم أنعم عليه بالأبناء وبعد هذه النعم يأتي فيشرك هذا الإنسان بربه ، وليس كماقيل...
ثم لاحظوا حرف العطف (الواو) الذي يفيد التتابع وليس الأنقطاع كما هو الحال في الآية السابقة ، مما يعني أن هذا الأمر ضرب لمثل أو تقريب صورة أو هو نقل لحدث لما يفعله بعض الناس في كل زمان ومكان.
نواصل تأملاتنا :
لاتتعجبوا ودعوني أتابع!!!!!
ثم نتج عن ذلك التلقيح التكاثر النوعي للنبتة ‘النفس الأولى‘ فكان من ثمارها بشرا ً غير عاقل وهم بشر ماقبل النفخة بالوان وأحجام مختلفة متنوعة متعددة ؟ مع التنبيه إلى أن التراب نفسه لم يصبح ترابا ً إلا بعد أن مر بملايين السنين ليتكون ويصبح ترابا ً متكوناً من ذرات ،وهذا يعني أن المراحل التي مرت لإيجاد حياة على وجه الأرض لم تكن في خلال أسبوع من الزمن كماقيل ؟.
وتأملوا معي هذه الآية (أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ)؟
لاحظوا عبارة ،ثم ،التي لاتعني التتابع بل تعني الفترة الزمنية المنقطعة الغير محدودة فلو أنه قال مثلا ً أن خلقنكم من تراب فإذا أنتم بشر تنتشرون، لكان الأمر يعني تقارب المرحلتين .
وإلى عبارة تنتشرون التي تفيد الجمع والحركة المضطربة وهم من نـُفخ فيهم من روح الله ،وهذا ربما لن يقبله الكثير لآن المفهوم الراسخ في عقولنا هو أن النفخ تم في آدم كفرد حين شكله الله على هئية تمثال ثم نفخ فيه فصار حياً! ..... والصحيح هو أنها مجموعة وليس فرد كماسياتي الدليل على هذا فيما سياتي .
لنتابع :
وقد كانت هذه المجموعة التي نفخ فيها الله من روحه فأنشاء لها السمع والأبصار والأفئدة ـ أي الارتقاء بهذه الحواس التي ماكانت لترتقي لولا العقل الذي أتى بفعل النفخة والذي أتصل مباشرة بعد النفخة بمجال الملائكة الخُضع ليستقي منها مايريد ممايفيده ويعينه على الحياة ؟؟
و تلك هي المكرمة الإلهية التي ميز الله بها البشر العاقل الذي أسجد له ملائكته وأخضعهم له .. قد كانوا ذكورا وإناثا يتكاثرون كما هو قانون التكاثر والتناسل الجنسي الطبيعي لكل المخلوقات المرتبطة بالعملية التناسلية عن طريق الإتصال الجنسي ،ولكن بشكل غير مقنن وغير مُدرك (قبل عصر النفخة )، فكانت تقاتل بعضها بعضا كبقية الكائنات الأخرى بل وربما تأكل بعضها بعضا وهذا نوع من سفك الدماء والفساد الذي استهجنته الملائكة حين قالت)قال تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .."البقرة30 ..)ولعل التفسيرات الكثيرة لهذا التعجب الملائكي تقول بأنهم كانوا قد راءوا قبلهم الجن والبن؟
وهذا القول لاصحة له ولادليل ،فالجن مخلوقات تختلف تماما عن الأنس في تركيباتها الخلقية ،
كما أن الحديث هنا عن البشر وليس عن الجن ، والخليفة من البشر وليس من الجن ،فالملائكة قد تسألوا كيف أن الله سيجعل من البشر الذين يسفكون الدماء خليفة ،ولننتبه الخليفة هنا ليس لله ؟، فلايخلف الله أحد في من خلقه ، فالذين يقولون أن آدم خليفة الله على الأرض يتقولون على الله تعالى وحاشا لله أن يكون له خليفة في الأرض أو في غيرها. وتوصيف الله تعالى ليس كمثله شيء فإذا صحّ لأي مخلوق أن يكون له خليفة لا يمكن أن يكون لله خليفة حاشاه سبحانه.
أفيكون خليفة الله عاصيا ً ؟ ومن المؤسف أننا سمعنا الكثير يقول هكذا ويستشهدون بآية في سورة البقرة فنقول بأن هذا خطأ شائع وانظر إلى الآية في سورة البقرة فقد جاء فيه قوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) ولم ترد في الآية أنه تعالى قال خليفة لي أو نحوه وإنما قال خليفة في الأرض. لذا يجب علينا أن نعيش الآية كما أرادها الله تعالى ولو ظنّت الملائكة أن الله تعالى سيجعل خليفة له فهل تتجرأ وتتساءل أن هذا الخليفة سيفسد في الأرض ويسفك الدماء؟
ثم هل هذه الأوصاف تكون لخليفة الله في الأرض ؟؟ فإذن توصيف الخليفة في منتهى الخطورة بل ويزيد بعضهم بالقول أن آدم خليفة الله كما كان أبا بكر خليفة للرسول r ,
والمعنى في الخليفة هو: إما أن يكون خليفة على رأس ذرية يخلف بعضها بعضاً أو خليفة لمن سبقه من البشر الذين عاشوا في عصر ماقبل النفخة ،فأصبح آدم ، خليفة في الأرض يدير شئونها بما أتاه الله من علم وقدرة وحرية وتسخير للكثير من ماخلق من المخلوقات ، لذا قالت الملائكة (أتجعل فيها من يُفسد فيها)ولعل هذا ماأغضب إبليس فرفض السجود له ،إذ كيف يسجد ويصبح تحت أمرة آدم ويكون خليفة عليه وهو من كان يرنو إلى هذا الشرف والمنصب؟
هذا أمر .. الأمر الأخر هو إن كان آدم خليفة الله فأنه قد مات فهل الآن لايوجد لله خليفة ؟(وبين قوسين أرى أن الخليفة هو ذلك العقل الذي وهبه الله للإنسان وجعله المدير العام على كوكب الأرض مَن تحمل عبء الأمانة ، وليس الخليفة بالجسد المادي أو الهئية أو الصورة أو الفرد .لأن العقل هو أول مخلوق لله فمن العقل الأول الذي وحد الله في ملكوته انبثق عقل أدم الذي وحد الله في أرضه ،وهذا هو سر النفخة التي يظنها الجميع أنها الروح التي نفثت في آدم فوهبته الحياة ،وهو قول غير صحيح لأن آدم كان حياً من قبل النفخة ولكنه غير عاقل ؟؟
___________________ يتبع .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
*******************************************************************