Cool Red Pointer
Glitter -->

شريط الإهداءت

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

شيوخ القصص والروايات ...

_____
شيوخ القصة والحكايات
لايكاد يمر يوم من أيامنا المعاصرة الحافلة بوسائل الإعلام المختلفة إلا ونشاهد أو نسمع على شاشات التلفاز أو المذياع  أو في خطبة الجمعة
شيخا من أولئك الذين اتخذوا من القصة أسلوبا ً من أساليب الردع والدعوة الى الله كما الموعظة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالترغيب والترهيب .
وقد أزداد هذا النوع من الشيوخ في الانتشار( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.).إما بأسلوب العرض لبعض المشاهد المرعبة والمرهبة ،أو باستصحاب حالة من الحالات التي كانت تائهة في دروب الظلام بحسب مفهومهم وفكرهم ، أو غيرها من الوسائل الأخرى،
وكل هذا للمنافسة وشد الانتباه من أجل قضايا ثانوية لاتقدم شئيا ً للمجتمع ولاتصلح حاله بل تجعله ينفر أكثرمن ذي قبل ويرى رجال الدين وكأنهم أشباحاً يلاحقونه أينما ذهب!..
وقد وصل الأمر بالبعض أن قاموا بتصوير الموتى في قبورهم ومتابعة الميت عند غسله أو حين يصاب بمرض فيضعون له مسببات كأن يكون قد مات بسبب  دخان أو سماع أغاني أو مقطع بلوتوث أوغيرها من الأسباب ويربطون مرضه أو موته بماكان يمارسه لحظة وفاته ، بدلا من الستر والدعاء له بالرحمة ،
وكل هذا من أجل الموعظة ،حسب زعمهم ؟
وهنالك من القصص التي يروونها ولا يكاد يصدقها السفيه  فكيف بالعاقل. كقصة  الفتاة  التي حانت وفاتها وهي في مدرستها ... فلقنتها أحدى زميلاتها الشهادة فقالت ...لا إله إلا الغناء ؟؟قالوا لأنها كانت تسمع الأغاني ؟
أو كالذي كان يشرب الخمر فمات في الحمام وصوروه وهو على حالته تلك بدلاً من الستر الذي أوصانا به الإسلام،
 أو كالتي كانت تحلق حاجبيها  فأصيبت بالسرطان .
فقال عنها الشيخ ...جزاء لها  ،حلق الله لها كل شعرها بالعلاج الكيماوي.
أو كالذي صوروه في قبره وهو جثة محترقة تخرج الديدان من بدنه  فقالوا عنه أنه لم يكن يصلي ,(وماذنب جسده وقد فاضت نفسه إلى ما آلت إليه ؟)
أو كالذي نقل إلى غرفة تغسيل الموتى وهو قابض على علبة الدخان التي لم يستطيعوا أنتزاعها من بين أصابعه فغسلوه ودفنوه معها وليت شعري الم يستطيعوا تقطيعها بالسكين أو بلها بالماء حتى تنكمش ؟
وهلما جرا من هذه القصص التي لا تدلل إلا على ضحالة علم وفكر هولاء القوم الذين يحاولون فرض أفكارهم على الآخرين وأستقطاب الشباب والدعوة إلى مذهبهم  إما بالقوة ،كضربهم على الصلاة أو فرض أمر ما مختلف فيه أو عليه عند العلماء..أوعن طريق ترغيب الناس بواسطة المال لكسبهم ... أو الدعوة بأساليب نمطية تقليديه عفا عليها الزمان فلا يفرقون بين عقل اليوم وعقل الأمس ليخاطبوه ،وماذاك إلا لافتقارهم لإساليب تتماشى وعقليات الحاضر ،فهم قوم يعيشون في عصرنا ولكن بعقول الأمس وبأرجوزة الخطاب الجاف ..
متجاهلين  بأن الزمان والعصر اختلفا عن الذي مضى وآن للناس أن يخاطبوا بلغة عصرهم ، وأن تكون الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وبالعقل والتخاطب مع الآخر بصورة يفهمها ويعقلها وليس التخاطب بلغة لايفهم من المقصود بها  والتي لاتناسب جيل اليوم  ،كتلك الصور المقلدة والمستنسخة ممن كانوا قبلنا من الذين مضوا وكان لهم زمانهم وعلمهم ولنا زماننا وعلمنا ....فهي لغة التشنج والتكفير والتشدد والغلظة والعبوس ...إنهم قد تناسوا أنهم يدعون إلى دين أساسه السماحة والسلام .
 لقد نسي هولاء بأن زماننا وعقولنا وشبابنا وبناتنا يختلفون عقلا وعلما عن أولئك الأسلاف ..فهم لم يراعوا هذا في أساليب دعوتهم إلى الله ولم يتلمسوا طرق ووسائل وأساليب سيد البشر التي كان أساسها الحكمة واللين والعقل والتخاطب بعقلية المتلقي وليس التماثل والتطابق والدعوة إلى المماثلة في الإقتداء،
فكم من شاب نراه قد أرخى لحيته وقصر ثوبه وسن مسوكه ووضع على رأسه غترته ُ وردد الفاظاً مقلداً بها من يرى ،أنه يحتذي حذوه ولكن السلوك لم يتغير بل أنه زاد على ماكان عليه تنطعا ً وغلظة وشدة على من هم حوله فيقول مالايؤمن ولايفعل به وهذا هو التدين والالتزام عند البعض منهم وممن ظنوا أن هذا هو الإلتزام،وكأن دينه  يأمره بذلك فهو قد أصلح الديكور الخارجي وتجاهل أصلاح المعدن الباطن،
وماهذا إلا لأنه فهم ممن لقنوه  أن الدين على مالبسه وأرخاه وأن الدين هو الشدة وأن الدين معادات الأخرين الذين يخالفونه الرأي أو ممن هم مقصرين في أداء فرائض دينهم ، وأن الدين محاربة الدخان والأغاني وكأنها من الكبائر التي تولج صاحبها النار وأن الدين هو التقليد للسلف من دون علم بمن ومايقلد؟ ،
فالدين لديه مظهر وليس جوهر ومظهر...ظاهر وباطن ، فهو بهذا جمع الإسلام  بعظمته وسماحته وأختزله بحسب فهمه بقليل من القصص والحكايات عن فلان وعلان وآية من هنا وحديث من هناك فصنع منها صورة مقولبة خاوية من الروحانية والاستشعار والصدق والإخلاص ،
كما حدث لأحد الشباب حين سأل أحد هولاء الشيوخ عن كيفية استشعاره بالإيمان فنصحه بمجالسة العلماء وقراءة القرآن وسماع الأشرطة الدينية وحضور المحاضرات والإبتعاد عن رفقاء السوء ،وكأني بالشيخ يجيب عن كيفية الأستزادة من العلم ؟؟
نعم هو لايحسن سوى نثر القوالب المعلبة التي تعلمها من سلفه ،جسد دون روح ، مماأدى إلى نفور الشباب وكثرة الفساد بين شباب وشابات اليوم لأنهم لايستشعرون بما يقومون به ولابما يسمعونه أو يقرءونه مما ولد فجوة بين التصديق والتطبيق ،ولم يعد بهم ثقة بكثير من الشيوخ وبما يقولونه ، وهم ، أي الشيوخ ، يحسبون أنهم يحسنون صنعا ،وكأن الدين لاعقل له من خلال لاتفكير أبدا ً فيما نسمعه ومما نقف أمامه متسائلين حائرين ،
بل يكفي أن الشيخ يقول  وأنت تسمع وتطيع ،وإن تساءلت أو أردت الفهم نهروك وفسقوك وحذروك من الخوض فيما لاتعلم ،فهم قد أحتكروا الدين وجادلوك بقوقعتهم المتكررة ،بأن لكل ٍ تخصصه وكأن الدين لهم وليس للبشر جمعا يتوجب على الجميع معرفته؟؟؟
وزاد على هذا أن فاضت في عصرنا الحاضر الكثير من العلوم والمجالات العلمية والاقتصادية والإجتماعية  فكان نصيب الشيوخ منها نصيب الأسد في الفتوى والتحليل والتحريم في أمور ليست من اختصاصهم  ،بحسب قاعدتهم هم؟
كتلك المرأة التي اتصلت بشيخ تسأله عن رفع أجهزة الإبقاء لابنها في مستشفى في بلد مسلم والطبيب مسلم وكان الرد من الشيخ الذي أفتى من وجهة نظر معروفة لكل الناس أنه لايجوز رفع الأجهزة عنه لانه لايجوز قتل نفس حية ثم تمتم بمايحفظه من آيات وأحاديث ليدعم به فتواه ؟
،رغم إن السؤال يقول إن المخ بالكامل لدى الطفل منتهي تماما ولايعمل والذي يعمل هو القلب فقط ولست ادري كيف عرف الشيخ أنه لايجوز قتل نفس ميتة عفواً أقصد حية ؟
وكان الأولى أن يفتيها بأن تأتي بمختص في الدين ليسأل عن الحالة من الطبيب المختص وعن قرب وعلى ضوء المعلومات التي سيجمعها يقرر.... فالمسألة ليست سوأل وجواب يعرض فيه عضلاته الحفظية .
ومن هذا الصنف كثير جدا فما أن يسمع أحدهم بمسألة حتى يفتي فيها ثم بعد فترة يتبين أن الواقع  يفرض عليهم غير مايرون .. فيوافقونه إما عن طريق ضغوط خارجية أوسلطانية ؟أو تبينهم للحقيقة بعد فوات الفوت ؟وليت شعري متى سأسمع شيخ يقول لاأعلم ؟فكل سؤال له عنده جواب  مع علمنا أن السلف يرحمهم الله كانوا في كثير من المسائل يتحرجون في الفتوى.
****
وهكذا ضل شيوخنا الطريق فمضوا في عالمهم المتقوقع في القصور والكراسي وتحت نسمات المكيفات والتنافس على السيارات الفخمة والوظائف المتكاثرة ، والأمة في عالما تتخبط ،والفجوات تزداد توسعا ً؟
وإن نزلوا يوما ً إلى الشارع وخالطوا الناس تراهم يسعون جاهدين بحثاً عن المنكر في كل مكان ليصطادوه وليتخذوا منه وسيلة للدعوة ، حتى أوصلونا  الى أن ننفر منهم ومن محاضراتهم ومن خطبهم  التنطعية  والتي لايصاحبها إلا الغلظة والشدة والوعيد والتهديد والتقليد ، فأغلقوا عقولنا بباب ( لا تسأل إلا بمانجيد الرد عليه)....فأصبحنا أنعام نقاد،وهو مايسعى إليه البعض منهم حتى يسهل قيادة الأمة بهذه الطريقة البهيمية التي جعلت منها أمة  تتراجع كلما سار الركب إلى الأمام؟ ،
..خلطوا المباح والمسكوت عنه فجعلوا له فتاوى فأضحت حياتنا لاتسير إلا بحبة فتاوى صباحا وحبة ظهرا وحبة مساء ؟
أغلقوا عنا كل موقع يخالف فكرهم....و قننوا لنا القراءة فاصبح كل شئ حرام إلا ما أباحوه لنا ،
فكان نتاجا ً لهذا تيه وضياع لكثير من الشباب ،
لأنهم لم يجدوا من يكسب ثقتهم ويحاورهم بلغة عصرهم وثقافتهم وبما يفهمون ،فعقل الشيوخ من العصور الوسطى فكيف لها أن تخاطب عقول النت والكمبيوتر....بل وجل تركيزهم ينصب في محاربة الدخان والأغاني والبيلوت والمقاطع المخلة  ؟.
إن ماتنشره شيوخ القصة من دعوة ،،هابطة المعنى والهدف ماهي إلا محاولة لجعل الشباب ينظرون إلى الأشياء بعيونهم هم ،معتقدين أن هذا هو السبيل الوحيد لجعل الشباب يعودون إلى الله والعكس هو مايحدث؟
فاقول إننا إذا ضللنا على هذا النحو فاننا وبعد برهة من الزمن سوف نجد أنفسنا في مجتمع جاهل أمي بعلوم عصره بينه وبين عالمه الذي يعيش فيه بون شاسع وكأنه من عالم آخر قد أتى ؟
ولانستبعد أن تصدر الأمم المتحضرة بعد حين من الدهرقرارا ًتقضي فيه بأن يسوروننا بأسلاك شائكة ويكتبون عليها( محمية بشر متخلف )؟
.. لا نقدر على شي إلا بفتوى ! وكأن الحياة كلها أصبحت لاتمشئ إلا بالفتوة رغم أن الأصل هو الحِل.. إلا ماحرمه الله ورسوله ورغم أن كثيراً من الفتاوى التي يطلقها الشيوخ ماتلبث أن تتبخر بحرارة العصر والزمان والمكان كقيادة المرأة للسيارة مثلا والتي كانت قد حرمت من قبل أحد المشايخ يرحمهم الله وأحلها أبنه من صلبه ؟
وكالاستنساخ الذي قوبل بالرفض ثم أحل للضرورات ،وكأطفال الأنابيب وكالستلايت والتلفاز والتصوير والرسم والنت والجوال ابو كاميرا وأفلام الكرتون التي يفتون بتحريمها لأسباب تافهة ،وقبل هذا وذاك يتقولون فيقولون بأن سبب تأخر الأمة الإسلامية عن ركب الحضارة هو ،ابتعادها عن دينها ؟؟وليت شعري  أي دين يعنون ؟ أدين الله الذي يدعو الإنسان إلى التمسك بثوابته ثم إعمال العقل في إعمارالدنيا والتفكر والتدبر والتأمل والبحث ،دين الله الذي يشمل كل العلوم المختلفة في هذا الكون وتعلمها والأستفادة منها ،  أم دينهم الذي يغلق الأبواب ويصدها في وجه كل العلوم المعاصرة ،دين ماعلموه هم لاغيرهم ، (كل شي حديث هو حرام حتى أجل مسمى ؟؟؟؟؟؟؟
 فلاعجب أن نجد شبابا في عصر الثورة الصناعية والاتصالية  لايعقل دينه ولادنياه ولايعقل إلا كل شي سلبي من حياته لانه  رُغب به من حيث رُهب وقدم له الدين بصورة أو باسلوب خاطي فبداء بتقليد الغرب في كل سيء لديهم ظنا ً منه أن هذا هو التحضر الذي يطمح إليه وأن الجهل والتخلف هو مايدعو إليه  الشيوخ ؟
فشيوخنا يحاربون التفكير ولايعولون على العقل بل ويقولون أنه مضل ...أشعلوا نار التكفير فاحرقت نورالتفكير ؟...
يصادرون العقل باسم النقل وما عِلمـُنا إلا  أن لولا العقل لماعُرف صحيح النقل ولولاه لما كُلِّف الإنسان؟
 فإلى متى هذا الانبطاح والخضوع ،وإلى متى هذا التراجع القهقري رغم أن من يقومون بمثل هذا يدّعون أن المسلمين لم يتراجعوا عن ركب الحضارة إلا بسبب ترك دينهم ونحن نقول نعم ...ولكن لماتقولون مالا تفعلون ؟
،فأنتم تحرمون كل شئ حديث حتى يصبح قديما جدا ،، ثم ماتلبثون بعد مدة تحلونه  فيكون قدتقادم عهده وعلمه و تاثر بتحريمه عقل الشارع وعقل الشباب بصورة سلبية مما يجعله يترك مخلفات ورواسب لاتنتهي إلا برحيلهم ،وما العقلية التكفيرية والتي بدأت منذ حرب أفغانستان الى يومنا هذا وهي تتكاثر وغيرها ماهي إلا نتاج التناقض الفتوي والدعوي والانغلاقي والتشددي والتنطعي والفهم الغير صحيح لمفهوم الدين الذي يظنه البعض طقوس وشعارات تستضل تحت قبة المذهب المحدود الفكر والقاصر النظرة الذي يظن أنه مُختصر للإسلام ومختزل له وممثله...
رغم أن دين الله لايمثله إلادينه وليس مذاهبكم ؟
فياايها الشيوخ القصاصون ، أما أن لنا أن نقول رأينا ،وأن نبسط علمنا وأن نجرد فهمنا عن أسلافنا الذين لاننكر فضلهم لكي نستطيع مواصلة الركب مع التمسك بالثوابت الأصلية لنجدد من فكرنا ،ونرتقي بعقولنا، ونواكب عصرنا الغني بالتقدم والحضارة وننطلق إلى أفاق المعرفة ونقول أن كل مافي الأرض من صناعات وابتكارات واكتشافات وآيات بينات ومكونات ومخلوقات وأفكار صاغتها العقول والتأملات هي كلها حِل ..مالم تخالف أمرا ً حرمه الله أو رسوله..وأن الدين أو الإسلام هو أوسع من فكرٍ ضيق ٍ يصوغه مذهب ويسيره بضعة علماء ،
 إن الإسلام أكبر من نقاط نعدها أونجعل لها أبوابا ً ونؤلف فيها كتبا ً أو نضع لها قواعد عشر أو أكثر ،اوليس الإسلام هو معرفة الله وبالتالي معرفة خلقه وعلمه وأن  كل مافي الكون هو من خصائص الإسلام ومن فروعه؟ ،أم أنه سجادة وصلاة وثوب قصير ومسواك ولحية وقول مقلد محفوظ مستنسخ مكرر نسمعه كل صباح ومساء ،
أوليس الإسلام أشمل وأكبر من هذا النطاق الضيق الذي تحدده قواعد المذهب المحدود الفكر ،أوليس العلم الذي يتعلمه غيرنا ممايفيد البشرية هو مماأتاه الله لعباده (وماأوتيتم من العلم إلا قليلا )وعلم الإنسان مالم يعلم ) وبالتالي هو من علم الله الذي يجب الإيمان به ؟
إذا لماذا ننكره ونفرده ونجعله بعيدا ً عن خطابنا وعن معرفتنا ،لماذا لا نولجه كنهات أفكارنا ومساحات خطابنا ونشير إليه في أمثلتنا وحججنا التي مللنا تكرار قديمها ،
لماذا لانفرد القليل منه لزاوية الإعجاز العلمي الذي كثير منا يرفضه بحجة تغير العلم وثبات الدين؟لماذا هذا الجفاء والفجوة بين الدين والعلم وكلُ ُ من عند الله  ؟لماذا لا نمزج بين العلم المتجدد والموروث ؟
...فياأيها الشيخ الذي لاينفك عن الظهوركل يوم ليحكي لنا قصة ؟
لتعلم أن الدعوة إلى الله تبتدي بك أنت ؟؟
فأنت إذا مادعوت إلى الله وأنت تبحث عن الشهرة والمال ،فوالله لن تجد من يتبعك إلا من كان على شاكلتك ،فليكن الصدق والإخلاص لله هما يداك المبسوطتان للدعوة ،،ولاتبحث عن المنكر في بيوت الناس فما ستروا إلا بستر الله فلا تأتي أنت لتفضحهم  ،
و إن صادفت منكرا يوما ً أمام عينيك فكن بصاحبه رفيقا ودله إلى الطريق الصواب، ولا تشهر به أو تسئ إليه ،وأعلم أن ماكان من اللمم فسيعفو الله عنه كما قال الله ، وأجعل جل نظرك على مايصيب الناس ويلقي بهم في الهاوية فأنها هي القاضية ،وكن بشوشا سمحا مبتسما ،ولا تتباكى أو تتقمص الورع أو الحزن ،بل كن على طبيعتك ..بلا تكلف ليُقبل منك ،فإن كل ذلك من المنفرات ،ولاتبحث عن الدخان وتنسى ظلم السلطان وتحرم الأغاني وتنسى الزانية والزاني ، وتحرم البيلوت وهنالك من يقامر بالأسهم فينهب الجيوب ويخرب البيوت ،وتجري وراء المنكر وأنت منه مبتلى مُستر ،وتحرم تطويل الثوب وحلق اللحية وتغض الطرف عن تنافر الجيران وقتال الاخوة  .
وأخيرا ً رطب لسانك بالكلمات العذبة الحسنة والفظ منها التنطع في القول والشدة والغلظة والترهيب إلا في مواطنه التي يحتاجها ،
وأقتدي برسولك فيما قصد بقوله وعنى بفعله ولاتكن قالبا ً يتصور ومستنسخا ً  يتكرر وحركة في زمن آخر تتبلور ، فرسول الله أتاك بالأصل ومن الأصل تجنى الثمار .
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين  وصلى الله على محمد وآلهِ الطيبين الطاهرين.؟؟
كتبها أبو ريان الدبعي

((أقراء المــزيد)) ..........

( تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان ) الجزء الثالث )

_____
فتلقى آدم من ربه كلمات )والتلقي هنا الصعوبة في الأخذ ،كقولنا تلقى فلان خبراً سيئا ً ... وقد كانت كلمات ربه عبارة عن عقوبة جسدية شاقة تمثلت في بناء موضعين متباعدين لأجل الصلاة والتوبة من الذنب والمعصية وهي ما نطلق عليها الآن بالأعمال الشاقة ؟
و كان هذا المكان هما الصفاء والمروة ( وابحثوا في قواميس اللغة عن معنى الصفاء والمروة فمعناهما دلالة على هذا  القول) فقامت مجموعة آدم برصف  الأحجار بعضها فوق بعض وهي المضافة إلى جبلي الصفاء والمروة و قد كان الأمر يتطلب في تركيبها الذهاب والإياب وهو مانمارسه الآن من سعي بينهما ،فكمل النصاب سبع مرات ذهابا ً وإيابا ؟لتتطهر الأبدان من خطيئتها ولتصلي لربها صلاة التوبة،
ولعلنا إذا ماذهبنا إلى المسجد الحرام ودققنا في جبلي الصفاء والمروة سنلحظ بأن الحجارة الموضوعة فوقهما كأنهما ليستا من نفس الجبل وهو مايؤكد أن الأعمال الشاقة هي أول عقوبة طبقت على آدم الأول ،وبها كان أول صفح لمعصية الإنسان وتطهيره من ذنبه ،وماالصفاء والمروة إلا أسمين يقربان لنا ملامح العفو والرحمة ومعناهُما ،
وبعد الانتهاء من بناء الأحجار في الصفاء والمروة ،تحول إلى مكان للصلاة والعبادة لآدم الأول بالذهاب والإياب ولمن بعده ؟.
ونبذت المجموعة في العراء لامأوى لها ولاطعام،
فجاءت رحمة الله ومغفرته وصفحه ،
حين أمر الملائكة بوضع البيت الحرام ،الكعبة ،( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا)،
للناس  وللعالمين ؟كأنه يقول لنا من خلال هذه الآية ،أن آدم الأول الذي أخرجه إبليس من جنته قد سكن أول بيت وضع للناس والذي كان ولازال، هدى لكم وللعالمين  لعلكم تعقلون فتحذروه وتتذكروا ماضيكم والمعصية الأولى،
وأمام أعين مجموعة آدم  بداءت الملائكة ببناء الكعبة  البيت الحرام ليتعلموا منها كيف يبنون بيوتهم بعد ذلك ، وما  إن  أكمل الملائكة البناء ووضع البيت ، سكنت مجموعة آدم فيه وكان ، بك ّ ، أي مزدحم لأنهم كانوا أكثر من أن يحتويهم المكان فسميت بكه ،وبكه في اللغة ،بكك - (بًَك) بفتح الباء وتشديد الكاف : زحم , وألبك , مصدر بمعنى ((الدق)) و( بك ) عنقه أى دقها وبابهما رد . و( بكه) إسم بطن مكة سميت بذلك لإزدحام الناس(,
ومن هذا التفسير للمفردة ومن ظاهر الآية يتجلى لنا  أن بكة أو الكعبة هي أول مكان سكنه الإنسان على الإطلاق بعد خروجه من الجنة،وليس كما قيل أنه أول بيت للعبادة ، ولعل التشريف للمكان جاء من إن الله سبحانه وتعالى هو الذي حدد المكان لها وأن الملائكة هم من قاموا ببنائه . كما  أنها تعد مركزاً للإتصال ببيت الله المعمور في السماء وبالتالي مركز أتصال بالله سبحانه وتعالى .
 ومضت المجموعة تمارس حياتها الجديدة ولكن بصعوبة شديدة حيث لم تعتاد هذا من قبل،
 وتوالت رحمات الله فأنزل عليهم ثمانية أزواج من الأنعام، ،قال تعالى ،(وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج...)فكان منها طعامهم من حليبها ومن لحومها حيث ذبحوا ذكورها دون إناثها ليبقوا على نسلها وهذا بعد أن لقحت بأمر من الله فكان أول هدي يذبح قربانا لله على وجه الأرض من الإنسان العاقل المكلف ،ولعل هذا يشابه حالة إبراهيم عليه السلام حين هم بذبح أبنه ففداه الله بكبش من السماء .
وقد كانت كل هذه الأحداث والأفعال التي تقوم بها الملائكة أمام مسمع ومرأى من مجموعة آدم لأجل أن  يتعلموا كيف يتعاملوا مع حياتهم الجديدة.. فالله قد أرسلهم لكي يعلموهم الخطوات الأولى للبقاء والتعامل مع مصاعب الحياة  التي تسرعوا وعجلوا في الولوج فيها ، فهم لم يألفوها من قبل  ولم يعتادوها ، كونهم آدم أو بشر أو إنسان مابعد النفخة (آدم العاقل )   وبمرور الأيام  كان يرتقي ويزداد تعلمهم وفهمهم لكثير مما  ارتبطت رغباتهم به  من أسباب العيش والبقاء على الأرض .
وبدأت الإناث يشعرن بأعراض الحمل (إناث مجموعة آدم ) واللواتي مارسن العملية الجنسية في الجنة... وكان الإنجاب والولادة الأولى للإنسان العاقل ،وهي الحالة الغريبة بالنسبة لهم رغم رويتهم للأنعام وهي تلد أمامهم ،لكنهم لم يعلموا أن هذا سيحدث لهم ، فظنوا أنها رجس ونتيجة سئية للممارسة والذنب الذي اقترفوه في الجنة ، و الذي كان سبباً في خروجهم منها فقرروا التخلص منها عن طريق قتلها (وهذه كانت الغواية الثانية لهم من قبل الشيطان الذي بداء يحرضهم على قتل أبنائهم ،
مزيناً لهم أن المعصية التي فعلوها في الجنة هذا هو نتاجها فاقتلوهم لتتطهروا ، وكادوا يفعلون  وقد همّوا ولكن الله قد أصطفى آدم النبي الذي جاء دوره الآن ليوجههم إلى الطريق الحق وليبين لهم الصواب فأفتدوا أبنائهم بالأنعام.
وهنا لنا وقفة مع أسم آدم ، فرب سائل ٍ  يقول ولماذا سميت المجموعة بآدم .. ؟
نقول وبالله التوفيق :لأنه لم يكن هنالك أسماء بعد يسمون أنفسهم بها من ابتكاراتهم ومن نتاج فكرهم ليميزوا بها بعضهم ، فسماهم الله بهذا الاسم نسبة للنوع والجنس واللون الذي أتوا منه والمشابه لأديم الأرض ومايؤكد قولنا هذا أن الأنثى  لم يرد أسمها مطلقا ً لا بأسم حواء ولابغيره  وماأسم حواء إلا من ابتكاراتنا . ... فالخطاب كله كان بأسم آدم بالرغم من أن الخطئة كلاهما من فعلها الذكر والأنثى ...والله أعلم .
لنكمل التأملات :
وبدأت مسيرة التكاثر والتناسل بين المجموعة الـ آدم،  وبداء الناس يرحلون من أماكنهم بعد التكاثر ويضربون في الأرض بحثا ً عن منافع متنوعة وعن سبل أخرى ولكن لم يكن سوى آدم عليه السلام المصطفى والنبي الأول هو من يُعوَّل عليه حمل جينات الإنسانية الجديدة العاقلة... لأنها الجينات القابلة للبقاء  السليمة والصالحة والخالية من شوائب الإثم والعصيان ،وهي التي  لم تتلاقح قبل اكتمالها  وأوانها ، ولعلنا ندلل على ذلك بقوله تعالى (اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين من (ذرية) ادم وممن حملنا مع نوح ومن (ذرية) ابراهيم واسرائيل وممن هدينا واجتبينا)وقال ايضاً: ربطا لهذه الآية وتكملة لملامح الصورة قال عن نوح عليه السلام (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ }الصافات77 , ويعني بذريته : يافث وهو أكبرهم وسام وهو أوسطهم وحام وهو أصغرهم، فكل أمة من الأمم المعاصرة ترجع إلى واحد من هولاء  وهم  أبناء نوح الثلاثة )ويُعد نوح عليه السلام هو أبو البشر الثاني حيث أن كل من ركبوا معه في السفينة انقرضت ذريتهم لأنها غير صالحة من حيث النوع والتكوين الوراثي وليس الدين والإيمان ، فهم في الأصل مؤمنين وأعني بقولي هذا ، من حملهم نوح معه في السفينة،
ومن ضوء هذا القول نقتبس أشارة لطيفة وهي :
أن أبن نوح (أبن زوجته )الذي غرق كان من تلك الحالات الغير صالحة للتكاثر وللتناسل ،الذي قال الله عنه ،أنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح ، وتفسير هذا أنه ليس من نفس الجينات التي تحملها وهو غير صالح للتكاثر والتناسل وبقاء نوعه، ويدلل على هذا قول الله تعالى عن زوجة زكريا عليه السلام التي كانت عاقرا وهي أمرآة مؤمنة عابدة ،قال (وأصلحنا له زوجه )والأصلاح هنا أرتبط بالإنجاب وليس بالإيمان؟ )))) وهكذا صفى الله الشوائب من الإنسان الأول ليـُـبقي الأصلح والقابل للبقاء وأغرق في زمن نوح مابقي من البشر الغير مؤمن والغير صالح لحمل الجينات البشرية العاقلة والغير سليمة ،ولعلنا ندرك من هذا أن الإنسان في ترقي مستمر خصوصا ً في دائرة العقل والنمو الفكري ....وتزوج آدم المصطفى بعد أن أذن له ربه وتكاثر نسله وأنتشرفي كل أرجاء الأرض .
وقفة مع الأمة
(ابراهيم عليه السلام)
و لنا وقفة مع صاحب القلب السليم إبراهيم عليه السلام والذي يُعد أول إنسان عرف ربه بواسطة قلبه السليم (عقله )الباحث والمتأمل ، وعن طريق الأسماء المتوقدة دائماً في عقله ،  فحين نظر إلى النجوم ثم إلى القمر ثم إلى الشمس قام بالتحليل والربط بينها وبين ظهورها وأفولها ،فعلم أنها مسيرة وليس لها خيار في حركتها الدائبة  ،وإنما الخيار بيد القوة الخفية التي لاتدركها الأبصار ولايحاط بها  ... فوصل إلى ربه وخالقه بواسطة التحليل العقلي والربط المنطقي .. فسنَّ عليه السلام  لنا سنة تقول :إن الله لايُستدل عليه بل يُستدل به.. وأن الكون كله لايسير بذاته بل بقوة خفية أسمها الله الذي لايشاركه في التحكم بها أحد .
هذا  هو النبي الإنسان الأمة،  الذي سأل ربه وقال  ربي ارني كيف تحي الموتى فأراه ذلك ، ثم جعله إماماً(وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ثم طلب وسأل كيف بداء خلق الأنسان (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ) فدله على المكان الذي خلق فيه أول إنسان عاقل و الذي نفخ فيه من روحه ثم أسجد له الملائكة، وأول مكان طبقت فيه عقوبة ، وأول مكان سكن فيه الإنسان، وأول مكان قـُرب لله فيه قربانا ،وأول بيت وضع للناس ،وأول مكان أقيمت فيه صلاة ....
 فما كان منه عليه السلام  إلا أن أرتحل إلى مكة ليرى من الآيات التي لازالت تحمل عبق وذكرى الإنسان الأول فأخذ معه  أحب الناس إليه ،أبنه اسماعيل عليه السلام الذي لايملك غيره  وزوجته هاجر وتركهم هناك ليحيوا المكان الخالد ،المكان الأول لخطوات الإنسان العاقل ،وكأنه بهذا يريد أن يكرر الخطوات والبدايات الأولى لتكاثر النوع .  وقال( ربي أني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم  ربي ليقيموا الصلاة ...الخ ،) وما كانت تلك الصلاة إلا السعي بين الصفاء والمروة وهي كماقلنا أول صلاة للإنسان الأول ،وليس كما نقل لنا أن هاجر كانت تذهب وتجي لأجل البحث عن الماء فلو كان هذا صحيحا ً لكان ذهابها مرة أو مرتين يكفيان للبحث عن الماء ! ولكنها أتمت الصلاة سبع مرات وهي الصلاة التي قال عنها إبراهيم عليه السلام (ربي ليقيموا الصلاة ).
نعم أنها صلاة آدم الأول... فكأن الله أراد بهذا أن تكون مكة موطن أول إنسان ،وأول نبي وأخر نبي والمكان الذي يزوره أبو الأنبياء ،ومهد لأفئدة الناس من كل بقاع الأرض ليروا مهد نشأتهم وهي من لا تقبل صلاة مسلم إلا إذا توجه إليها،وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهفو قلبه إليها ويرجو من الله أن يجعلها قبلة للمسلمين قبل الأمر بذلك ـ ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا )،
نعم أنها مكة (أم القرى ) الأم الأولى للإنسان و التي كان الرسول يعلم بخصوصيتها ومكانتها ،فكان له ماأراد ، (فول وجهك شطر المسجد الحرام ، وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ
لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ،وكأنه سبحانه يقول لنا، بأمري لكم بالتوجه إلى المسجد الحرام أتم نعمتي عليكم بأن تكون هي قبلتكم وأمكم وبدايتكم وأول بيت وضع لكم وعبق ماضيكم ومهد أول خطاكم؟
،وما أراد  بالحج وشعائره إلا لتذكيرنا بأحداث الإنسان الأول وإبقائها على هئية شعائر تعبدية... كما إعادة وتكرار وتمثيل لحركة آدم الأول وخطواته ومروره بتجربة السكن في الجنة والخروج منها ثم السعي في الأرض وبداية مرحلة الشقاء والتكاثر والبناء ،وما اللباس الذي يردتيه المُحرم إلا  كذاك  اللباس الذي ارتداه ُ آدم الأول ،حين طفق يخصف من ورق الجنة ليستر عورته ؟
ذاك اللباس البسيط المجرد من كل زينة الحياة ومن المخيط ؟
وما الهدي الذي يقوم بذبحه  كل المسلمين في أرجاء الأرض من حجاج وغيرهم  إلا إحياء لأول شعيرة تقرب بها الإنسان إلى خالقه .
لنكمل التأملات :
فأدت السيدة هاجر الصلاة وأتمتها ،فإذا بالماء ينبع من عند قدمي إسماعيل عليه السلام وهو ماء زمزم والذي أظنه يتصل بجنة آدم الأول أي أنه ينبع من جبل عرفات والله أعلم ،
ولا أنسى أن أنوه هنا :
إلى أن البيت الحرام لم يكن في هذا الوقت قد بني حين سكنت هاجر وأبنها إسماعيل ، أي لم يُرفع بعد بناءه حين جاء ابراهيم بهم إليها، وأما البناء الأول الذي بنته الملائكة فقد هدم بسبب الأمطار والسيول والرياح ، ولكن بقيت حجارته ومكانه وآثارهُ  والدليل،، بقاء الحجر الأسود  ؟
وهذا أيضا يؤكد كلامنا السابق بأن البيت لم يكن قد بني للعبادة وإنما للسكن الأول لمجموعة آدم ،لأن لو كان بني للعبادة لما أهمل من قبل سلالة آدم وترك .
 ونعود في تأملاتنا وإلى إبراهيم عليه السلام حيث عاد بعد مدة من الزمن ليزور أبنه أسماعيل وقد شب و كبر  فرأى أنه يذبحه ؟
 وهو مانفسره أنه كان قربانا ً لله وتعبدا وربما هو ماحاول فعله الإنسان الأول حين ولد له أول مولود؟
 فهمّ بذبحه، ولربما رأى أنه مرتبط بالمعصية التي حدثت في الجنة ؟
ولكن مهما يكن فقد همّ إبراهيم  بذبح ابنه ،وحيده ، ولم يخالفه في هذ أبنه إسماعيل الذي كان مثالا للصبر والإيمان والامتثال لأمر الله ، فتدخل  الشيطان محاولا ً أقصائه عن فعله هذا , وبداء في وسوسته له حيث قال ،كيف تذبح أبنك من ليس لك غيره يا إبراهيم؟
فكان عليه السلام يقذفه بالحجارة ويرجمه ُ ليحرقه بها  وهي نفس الممارسة التي فعلها الإنسان الأول المطرود من الجنة حين رمى الشيطان الذي أخرجه من الجنة بعد أن إلتقاه  مرة أخرى في منى وبعد أن هبط من الجنة فرماه بحصى جمعها من المزدلفة.(أسالوا أنفسكم :لماذا دائما نجمع الحصى من المزدلفة لنرمي بها الجمرات ؟ولماذا أسمها الجمرات وليس الشيطان ؟).
فأبى الله إلا أن يتم لإبراهيم امتثاله للأمر ، فكان الفداء والذبح العظيم وهي السنة التي ضلت وستضل إلى يوم القيامة ، السنة التي يمارسها كل المسلمين في عيد الأضحى فتذبح الأنعام فداءً للإنسان الأول وفداء لإسماعيل عليه السلام ،(وَقَالَ إِنّي ذَاهِبٌ إِلَىَ رَبّي سَيَهْدِينِ ¤ رَبّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينِ ¤ فَبَشّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ ¤ فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قَالَ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ قَالَ يَأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ ¤ فَلَمّا أَسْلَمَا وَتَلّهُ لِلْجَبِينِ ¤ وَنَادَيْنَاهُ أَن يَإِبْرَاهِيمُ ¤ قَدْ صَدّقْتَ الرّؤْيَآ إِنّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ¤ إِنّ هَـَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ ¤ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ¤ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاَخِرِينَ ¤ سَلاَمٌ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ ¤ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ¤ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ¤ وَبَشّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مّنَ الصّالِحِينَ ¤ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىَ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرّيّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لّنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾ ، وهذه الآيات تؤكد أن الذبيح كان إسماعيل وليس إسحاق كما ادعت اليهود ... وأتبعهم بعض من علماء المسلمين،، بدليل قطعي في قوله تعالى ،وبشرناه بإسحاق )أي بعد أن هم ّ بذبح اسماعيل بشره الله بابن آخر أسمه إسحاق.
 ولاحظوا عبارة أذبحك ؟ولم يقل أقتلك وكأنها تريد أن تقول لنا أنه كان قربانا ً لله سيقدمه إبراهيم عليه السلام ؟.
ثم تلى ذلك أن أمر الله إبراهيم برفع القواعد من البيت لتكون قبلة ومزارا ً للناس وذكرى وليس فقط للمسلمين ،فالأمر يعني كل الإنسانية قال الله تعالى(وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة:)وقال ايضا ً: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وقال ايضا ً(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا).
وبداء إبراهيم وإسماعيل يرفعان القواعد من البيت  ليكون قبلة وماوى ومكان وقصد للإنسانية جمعا  ليروا مكان أبائهم الأولين ،وليكون شعيرة من شعائر الله ،
وأذن إبراهيم بالحج رغم عدم وجود من يسمعه ولكن الله أمره فكان من إبراهيم النداء ومن الله الإيصال والإسماع وهاهو أذانه يصل إلينا منذ ألاف السنين،
ومن شعائر الله في الحرم وما حوله ...مقام إبراهيم وهو مقام معنوي ومادي ، مقامه ُ ، أي مكانة عند جميع الديانات ومكانه الذي وقف فيه للبناء .
ومن الشعائر ايضاً، الصفاء والمروة أول مكان عوقب فيه آدم  الأول وأول مكان للصلاة ... ومنى التي أنشأ فيها الإنسان العاقل ومنها المني أي ماء الرجل التناسلي المبقي للنوع ، وعرفات الجنة الأولى للإنسان والمشعر الحرام الذي أظن أن حجارته ليست من الأرض كذلك حجارة المزدلفة (رسالة أوجهها للباحثين الجيولوجيين أن ينظروا في قولي هذا ،في حجارة المزدلفة والمشعر الحرام لأنها تحرق الشيطان مما يعني أن لها خاصية فيزيائية فريدة  )؟.
  وكذلك الهدي الذي سنه الله ليفدي به الإنسان ، وكذلك البيت الحرام الذي هو أول بيت وضع للناس على الإطلاق وبهذا تكون شعائر الحج هي ملامح لصورة متناثرة متكاملة ومترابطة الأبعاد  ومعبرة تتكرر للإنسانية في كل عام مرة  ـ لأحداث آدم الأول ، لكي لاينسى بداياته  الأولى المتعثرة ... وأرى أيضاَ أن ألليال العشر التي أقسم بهما الله في قوله (والفجر ،وليال ٍ عشر )هنّ ألليال التي لبث فيها آدم في الجنة ،والفجر هو رمزية لبزوغ نور العقل الإنساني بعد النفخة ,والله أعلم .
وبهذا أكون أتممت ُ تأملاتي في بداية خلق الإنسان والتي أتمنى أن أكون قد أصبت بها كبد الحقيقة وحاولت أن لا أكون إلا مخلصا ً في طرحي مبتعدا عن التأثر بالمذهبية الموطرة بعضها بمفاهيم وقواعد آسنة  وعن الزيغ و الهوى ،مبتغيا ً من كل هذا وجه ربي ، راجيا ً من كل من سيقرؤها أن يتحرى التدبر والتأمل والتأني والبحث والتدقيق والمقارنة بين القول والقول ،وأن لايحاول أن يفهم الآيات من منطلق تفسير لفظي فقط بل عليه ربط الأحداث المعنية والسياقات وأن يضع لها فكرة ثم يرى أين وضعه عقله وأن لايحكم عليها بقوانين المذهب بل بأدلة القرآن والسنة والعقل .
.......................
إظافة لطيفة :
رأيت أن أضيف لمحة بسيطة عن أمر ٍ أمرهـُ الرسول للصحابة المستضعفين في بداية دعوته بالهجرة إلى الحبشة ،وقلت في نفسي لماذا بالذات إلى الحبشة وهي البلد الذي يحتاج للوصول إليها قطع مياه البحر ؟لماذا لم يكن إلى اليمن مثلا ً فهم قوم إيمان وحكمة وأرق أفئدة ؟ فإذا بي أفاجاء بأن العلماء أكتشفوا أول عظام بشر عمره (ملايين السنين) هناك (بشر ماقبل النفخة )أي ليس آدم بل بشر )؟؟؟
فربطتها فورا ً بإن الرسول أراد بالهجرة إلى الحبشة كأول موطن للبشر على الإطلاق (بشر ماقبل النفخة )الذي أنتقل بعض منها مهاجراً إلى مكة من كان النفخ فيها وتحديدا ً في ،منى ،كما ذكرنا ذلك سابقا ً .

 هذا والله وحده أعلم ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
___________________________
الفقرةالقادمة
تحت عنوان ( تأملات أبوريان في مفهوم الملائكة والسجود )
مع أعطر التحايا
أبوريان الدبعي

((أقراء المــزيد)) ..........