Cool Red Pointer
Glitter -->

شريط الإهداءت

السبت، 30 أكتوبر 2010

( تأملات أبوريان ) تمهيد لقراءة التأملات

_____
تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان
(تمهيد)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله القائل ،(افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)والصلاة والسلام على النور المرسل من ربه إلى الناس كافة وعلى آله الطيبين الطاهرين...
أيها الأخوة الكرام والأخوات الكريمات ، يا أرباب العقل والفكر المستنير في منتدانا منتدى ملة إبراهيم حنيفا الذي أنتم به كالنجوم المضيئة  ،
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...وبعد
أنني وأنا أضع بين أيديكم  هذه النماذج من الإشارات والتلميحات إلى بعض التفاسير التي وردت في كتب السلف ،يرحمهم الله ، لبعض من آيات القرآن الكريم، والتي
أ ُقتبس كثير منها من الإسرائيليات  ،لأرجو منكم أن تتأملوها بتعقل قلوبكم وتحللوها بمنطق العقل الذي خاطبنا به القرآن الكريم  وخصنا به الرحمن الرحيم  وجعله مركز التكليف للإنسان ، وبالكمال الذي أتى به منزلا ...الذي هو معجزة الله التي لا تنقضي عجائبه كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ، ،والذي ماوضع حرفا ً إلا وله دلالته ومكانه ،
فمثلا ً أبحثوا عن تفسير آيات الملكين هاروت وماروت وماذا قيل في تفسير قصتهما ومن عدة مؤلفات للسلف؟،
أبحثوا عن تفسير قصة النبي داوود عليه السلام حين قضى بين الأخوين اللذان تسورا المحراب ومن عدة تفاسير ؟،
أبحثوا عن تفسير قصة طالوت بعد أن قتل داوود جالوت وكيف نال الملك؟،
أبحثوا عن تفسير قصة موسى عليه السلام حين جاءهُ ملك الموت ليقبض روحه وماذا صنع به  موسى؟ ،
أبحثوا عن تفسيرالقصة التي حدثت بين النبي يوسف عليه السلام وامرأة العزيز وماذا قال المفسرون في قوله تعالى ،لولا أن رأى برهان ربه ؟وماقبلها،
أبحثوا عن تفسير سفينة نوح وماحمل فيها من المخلوقات الحيوانية ،والتي كان عددها بالملايين  وحللوها  تحليلا ً منطقيا ً )
ابحثوا عن تفسير قصة ابني آدم وأمعنوا فيها النظر وحللوها تحليلا دقيقا وشخصوا أعينكم وعقولك إلى سبب نزاعهما؟.
أبحثوا عن تفسير كيفية موت سليمان عليه السلام ؟
وغيرها من القصص والأحداث الأخرى ،والتي لا يقبلها قليلي العلم   فكيف بالعقلاء والمتدبرين ؟
وأعني هنا بالتفاسير وليس الآيات .
وماهذا إلا غيض من فيض .
و لولا الإطالة لقلت أكثر ،ولكن أبحثوا عن هذه القصص في بطون كتب التفاسير وفي كل ماوصل إلينا منها لتروا أوجه الخلاف الذي يعتريها واللا عقلانية فيها ،وماهذا إلا لأنها لم تعتمد على الكتاب أو السنة والعقل والممكن والبديهيات  ،بل أعتمدت في كثير من مصادرها على المنقول من كتب القوم (اليهود)،وهذا كما قلت فيما يختص بالآيات الكونية والمعجزات وبعض الأحداث التي وقعت للأنبياء والآيات التي تتحدث عن البدايات لآدم الأول ،ولا أعني هنا تفسيرالآيات التي تروي لنا قصة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع قومه المشركين ومع اليهود والمنافقين أوعن غزواته أوعن المسائل الفقهية أوعن العقيدة ،فهذا أمر أنجزه الله وأتمه على يد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والذي بدوره أبانه للناس ،فنقلوه الصحابة ومن بعدهم السلف إلينا كما هو وبأمانة ،
أنما أعني الأمور التي فيها تفكر وتدبر وتلك المسكوت عنها والتي تركت للمتدبرين والمتفكرين في كل زمان ومكان،ونحن هنا لاننكرفضل أولئك  السلف فهم رحمهم الله قد بذلوا مابوسعهم لفهم تلك الآيات من واقع علمهم ومعطيات زمانهم وفهمهم لها ، فرحمهم الله على ماقدموا .
وقبل أن أبدا لي همسة في آذانكم الواعية  ولكن بعد أن تقرءوا هذه القصيدة العصماء،
بكــت عــينـي وحـق لـها بكاهـــا *** ودمــــع الـــعـــين منهمل يسيح
فـــمـا لـي لا أجــود بسـكـب دمع *** و هـابــيل تضمّنـه الـضــريـــــح
رمــى قــابـيـل هـــابــيــلاً أخـــاه *** وألحد في الثرى الوجه الـصبيح
تغـــيرت البـــلاد ومـــن عـــليها *** فــوجــــه الأرض مــغــبر كشيح
تـــبدل كـــل ذي طــعــم ولــــون *** لـــفـقـدك يا صــبــيـح يا ملــــيح
أيا هـــــابــيل إن تــقــتـل فإنــــي *** عـــليك الــــدهر مكتـئـب قريــح
فأنت حياة من في الأرض جميعاً *** وقــــد فــقـدوك يا روح وريـــح
وأنـــت رجــيــح قــدر يـا فصيح *** سلـــيم بـل ســـميح بــل صبيـــح
ولــــسـت مــيـت بـــــل أنت حي *** و قــابــيــل الشــقي هو الطريـح
علـــــيه السخــط من رب البرايا *** و أنت عـــليـــك تسليم صريـــح
كلمات الشاعر :آدم عليه السلام!!!
فأجابه إبليس يقول :
تـنوح على البلاد ومن عليها *** وفي الفردوس قد ضاق بك الفسيح
وكـــنت بها وزوجك في نعيم *** مــن الــمــولـى وقـلـبك مسـتريـــح
خـدعتك في دهائي ثم مكري *** إلــــى أن فـــاتـك الــعيــش الرشيح .
وليت شعري  كيف نقلت إلينا هذه القصيدة منذ  حوالي  ثمانية الأف سنة تقريبا ً إن صحت روايتها ...،وبأي أداة نقلت ؟مع العلم أن المؤرخين يقولون أن أول من خط بالقلم هو النبي إدريس عليه السلام ,فضلا ً عن كون القصيدة باللغة العربية الفصحى التي اكتملت أركانها وأحرفها واختزلت الكثير من الصور الشعرية ذات التجربة الجزلة ،
و جميعنا  يعلم بأن اللغة عموما ً في تطورمستمر مع تقدم الزمن وتغير المكان ونشوء أفكار جديدة ومسميات ومصطلحات حديثة تثريها  وتزيدها متانة وسعة أفق ، وإن هذه القصيدة لتدل على قرب عهد بنا ؟كما أن الشعر نتاج فكري ولد من رحم الرغبة في التغير النمطي للتعبير الكلاسيكي المعتاد .
وعلى أطلال هذه القصيدة  سنضع تذكارا لسؤالين مهمين وهما :
هل كان آدم محتاجا ً  للغة في وقته الذي خلق فيه وإلى تغيير نمطية التعبير عمايريد ؟
وهل كانت لديه ثقافة لغوية لتبرزها لنا هذه القصيدة ؟
الجواب عندكم ؟
فنحن اليوم حينما نتخاطب مع بعضنا فإن مجمل العبارات  وتركيباتها مصدرها علم مسبق بحروف ومفردات وثقافة وتنوع مواضيع تثري وتسهب في اللغة وفي تصوير أمر ما ،كما تراكمات معلوماتية وفكرية متصلة بمامضى ،
 فماذا ياترى كان يقول آدم مثلاً حين يجلس مع أبنائه أو زوجته ؟هل كان يحدثهم عن أحداث العالم السياسية أم عن الموضة أم عن أخر المستجدات الاقتصادية أم عن علوم الفيزياء و الكيمياء أم عن الأدب والشعر كما رأيناه في قصيدته العصماء ، و إذا سلمنا أنه قد كانت له لغة فما لغته وماثقافتها ومامرجعيتها ومعطياتها التي بنيت عليها ؟؟
إن لغة آدم يا أيها الأخوة الأعزاء ما كانت إلا لغة الفهم والتصوير الحركي والإشارة  ليس إلا ؟؟
نعم ...
فلا تتعجبوا من قولي هذا
وانظروا أولا ًماذا قال الله عن أبن آدم الذي قتل أخاه ؟،
قال تعالى :(فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه)
كم مررنا على هذه الآية مرور الكرام وكأنها لاتعني أو تدل أو ترمي إلى شئ بناء ً على قاعدة ،(لا تفيد جاهل ولا تضر عالم؟؟
مع العلم أنها لم تـُنقل إلينا إلا لحكمة ومعنى ...وبالمقابل  لم ينقل إلينا القرآن كيف تمت الجريمة وبأي أداة ؟
أبسيف ام بسكين أم بحجر أم بفك حمار كماقيل في بعض التفاسير، فبعض من  هذا لم يكن متوفرا ً بعد ،كالسكين والسيف ؟؟
فسُكِت عنه لمعلومه بالضرورة ولكن نقل إلينا كيف دفنه ؟ مع ملاحظة أن عبارة (سوءة)تكررت في موضعين أثنين في زمن آدم ؟وهما ،الأول في الجنة بعد أن ذاقا ً الشجرة والثاني هنا في أحداث الجريمة والتخلص من الجثة ،وهذا يعني أن اللغة التعبيرية الحركية كانت تسمي كل ذنب أو معصية ،بالسوءة ،
فتدبروا آيات ربكم وعظموها فهي تنقل لكم التاريخ كما كان بالصورة الحركية المباشرة الكلية ، ولاتقولوا أن البحث فيها لا يفيد ولا ينقص كماقال البعض ؟
فلم ينقلها الله لنا عبثا ً أو اعتباطا،بل إن التأمل في مثل هذه الآيات يعرفنا عظمة القرآن وعجائبه وأسراره  ويزيدنا إيمانا بالله......
فالله عز وجل قد وصف حال مرتكب أول جريمة على وجه الأرض  للإنسان العاقل ،(إنسان مابعد النفخة ) وبأسلوب فني  حركي وربط أسبابها بمسبباتها ونقل الصورة لتصبح فيما بعد لغة تخاطبية صوتية،(علم الأنسان مالم يعلم )وهذا ماينطبق علينا وعلى من قبلنا وعلى من بعدنا من أجيال مابعد آدم الأول ، وهو الترقي في الفهم ثم اختزال الأحداث وسردها ببعض الأصوات المماثلة للحدث ثم التعبير عنها بحروف يتضح من خلالها المقصود ،و ماكان هذا ليحدث إلا  بفضل العقل الذي أصبح يمتلكه آدم بعد النفخة الربانية وبفضل الأسماء التي تعلمها ،والتي من خلالها يستطيع أن يسمي  أي شئ بأسمه الذي يناسبه ،وما نراه الأن من مسميات بالملايين بل بالمليارات للأشياء المخترعة أوالمصنعة إلا بفضل تلك الأسماء التي علمها آدم الكل وليس الفرد.
وتأملوا معي حين قال( أسماء، ولم يقل حروف ؟
فالأسماء كلية والحروف أدوات تركيبية للأسماء ،وقدكان الأولى أن يعلمه الحروف كما يفعل المتعلم المبتدئ لكي يستطيع بعد ذلك تركيب الكلمات والتعبير بها عن مايريد ،ولكن الله علمه الكليات من الأسماء لماسوف يراه ويواجهه  من أحداث ومراحل في فترة بقائه على الأرض ،لأن الأسماء تسهل عليه فهم الواقع الكلي المحيط به كما الزمان والمكان والتكيف معهما وإدراك نفسه وربه )وإن لنا لشواهد في كتابات  الأوائل الذين اخترعوا الكتابة قبلنا ،حيث كانت كتاباتهم رسما ً وصورا ً أكثر منها حرفا ً وكلمات مركبة من الحروف ،كالكتابة الهيروغليفية الفرعونية وماذاك إلا لأن اللغة كانت تصويرية مُجسِمة وليست معبرة ولازالت الكتابة الصينية أيضاً تحمل في طياتها ذلك العبق القديم في عصرنا الحاضر؟.
و مما سبق ذكره ندرك بأن أدم لم يكن له لغة يعبر من خلالها عما يريد بمفهوم اللغة لدينا الآن ،لكنه كان يدرك ماحوله من خلال تلك الأسماء ،(المفاهيم الكلية التي ركبت فيه  وفي عقله(مصنع أنتاج الأسماء ))
وهي كما قلنا أسماء حركية يتدبرها فيفهمها ويصوغها بلغة المجسمات التصويرية البسيطة دون تكلف،
كما أنني أريد هنا أن أشير إلى أن لغة القرآن تعبر وبشكل دقيق عن كل حقبة بما يلائمها ؟
فنلحظ مثلا ً أن جيل آدم عبر عنها القرآن بكلمات جدا ًبسيطة وسهلة .... بإ فعل ولا تفعل.. وأحذر ..وأهبط ،إلى غيرها من المفردات التصويرية البسيطة و كلها حالات استقبال (تلقي ) من غير تبادل حواري؟ ....فلم ينقل إلينا مثلا ً أن آدم تكلم أو خاطب أبنه أو زوجته أو حتى الشيطان ،فكل الأحداث التي نقلت إلينا عبر لغة القرآن الكريم كانت عبارة عن وصف ٍ للحال وللوقائع  من دون لغة متكاملة العناصر ؟
(لاتتعجبوا فالقرآن لديكم فابحثوا فيه لتتاكدوا؟
،و لكن وفي عهد نوح ارتقى الخطاب قليلا ً من لغة الإشارة المصاحبة للصوت المقطع إلى لغة مفردات مركبة من حروف كما في حوار نوح عليه السلام مع قومه وهو يذكرهم ببداياتهم وبالذي أنبتهم من الأرض نباتا وبنعم ربهم عليهم  .... إلى أن نصل إلى قوم إبراهيم عليه السلام ومن تلاه من الأنبياء والذين أنتشرت في زمانهم العلوم وكذا القراءة والكتابة والصناعة ،
وفي عهد نبينا محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام كانت اللغة في أوجها رغم أميتهم ، فقد كانوا هم الفصحاء والبلغاء فكان لابد للخطاب أن يرتقي ليواكب ماوصلوا إليه  من ثراء لغوي وأدبي وعقلي...
فرقي اللغة يوازي رقي العقل والتفكير وبالتالي زيادة التكاليف الشرعية كالصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من التكاليف الأخرى التي لم تكن إلا في حدود ضيقة في زمن آدم ومن تلاه من الأنبياء... وبلغت شأواً في زمن الفصاحة والثراء اللغوي في زمن النبي الخاتم الذي كانت أول  آية نزلت عليه هي ،أقراء، لأنها مفتاح علم العصور المتوالية من بعده ،
ولعل سائل يسأل ويقول ،ولكن آدم خاطب ربه بعد أن عصاه ودعاه ليغفر له ؟
نقول وبالله التوفيق ،إن الله سبحانه وتعالى ينقل لنا وعلى لسان كتابه الكريم وبوعاء اللغة المتحدث بها مراد المتحدث ومقاصده من واقع علمه سبحانه وتعالى بذات المتكلم ولسان حاله ،فآدم بعد أن ارتكب المعصية تاب وندم على مافعل ومن نتائج ندمه التأنيب للنفس والحال وبالتالي رغبتهُ  في أن يقول قولا ً يعبر به عن ندمه فكانت لغة النفس والحال التي نقلها الله لنا بلغة ٍ قرآنية عربية.... هي المعَبر عنها في الآية لعلمه سبحانه وتعالى بها ، وإليكم الدليل والشاهد لقولي هذا ،
قال تعالى على لسان الهدهد(فمكث غير بعيد فقال أحطت بمالم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطن أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لايهتدون ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ماتخفون وماتعلنون الله لاإله إلا هو رب العرش العظيم))
 إن هذه اللغة ليست لغة هدهد كمايتصور البعض ؟؟؟
ـــ بل هي لغة تعبير من لدن حكيم عليم طوع اللغة العربية لتفصح عن مراد هذا الطائر المؤمن الذي لن ترقى لغته أبدً إلى هذا السمو البلاغي ،فهو  لايحسن إلا  لغة الحركة المصاحبة للصوت والإشارة والتي كان يفهمها سليمان عليه السلام كونه عُلِّم منطق الطير فعبر عنها القرآن بلغة ثالثة أخرى تختلف عن لغة الهدهد الحركية وعن لغة سليمان العبرية  ، وهكذا هو حال القرآن الكريم .... فلو أنه نزل بلغة أخرى غير العربية لطوع مفرداتها لتصف الحال والمشهد والصورة لمن يتحدثون بها ،
وهنالك مثل آخر  نقرأهُ في آية أخرى  والذي  تمثل في تحذير النملة لقبيلتها حين وصل جيش سليمان عليه السلام إلى وادي النمل وهي لغة طوع الله لها لغتنا العربية لتنقلها وتقوم بوصفها لتقراء وليُفهم مبتغى قائلها ولسان حاله ومراده  .
هذا والله أعلم ،وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .
 (يتبع)
في الفقرة القادمة (وقفة مع هبوط آدم وتكون الجنين)
مع أعطر التحايا
أبوريان الدبعي


((أقراء المــزيد)) ..........

( تأملات أبوريان في أهمية إمعان العقل )

_____
تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية إمعان العقل في معرفة الدين:
الحمد لله رب العالمين ،القائل وفي أنفسكم أفلا تبصرون ،
والصلاة والسلام على المبعوث هدى ورحمة للعالمين ،
أيها الإخوة الأفاضل.... أعضاء منتديات ملة إبراهيم حنيفا،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....وبعد
إنني وأنا أضع بين أيديكم هذه التأملات لأرجو منكم قراءتها بعين العقل والبصيرة ووضعها موضع الممكن والمقبول ،وماذاك إلا  لما تحتويه من رؤى جديدة وقراءة مختلفة لبعض ٍ مما علق في أذهاننا من بعض تفسيرات مجملها منقول من الإسرائيليات ،وما أعنيه هنا بقولي هذا ...تلك التفسيرات المتعلقة بالآيات الكونية والغيبية النسبية ،والآيات التي تتحدث عن الخلق الأول ،(عصر ما قبل وبعد النفخة ) و التي تـُركت  من قـِبل الرسول صلى الله عليه وسلم  ولم  يفسرها لنا ـ لإندراجها تحت  مصطلح المتاح أوالمسكوت عنه ..وهو باب من أبواب التأمل والتدبر و العبادات الروحية الفردية الغير مكلف بها الجميع ، كالعبادات المفروضة المعلومة لكل مسلم و التي فسرها وبينها لنا رسول الهدى من لاتتغير بتغير الزمان ولا المكان أو بأختلاف العلوم والعقول ـ قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا )
فعند هذا نحن نقف .. ونسلم فلا نقول لماذا وكيف ،لأن الله ورسوله قضيا وهذا فيما يتعلق بأمور ديننا وعباداتنا ،وأما مادون ذلك فمباح لنا التفكر فيه مع الإشارة إلى  أنه من المباحات أن نتفكر في الحكمة من العبادات والفرائض لأن هذا يزيد المرء إيمانا بربه إذا  لم  يكن متبعاً لهواه .وتأملاتي هذه هي أبعد ماتكون عن ملامسة العقيدة أو المسائل الفقهية المحسومة بين العلماء،وإن اختلفوا في البعض منها ،كذلك ليس فيها تحريم لحلال أو دعوة لتحليل حرام ،أو مناهضة لفكر أو تغليب لمذهب ، إن هي إلا  تأملات متجردة في خلق الله وآياته المباحة شرعا ً ،وإبصارُ ُ بعين العقل الذي أهمله الكثير بحجة أنه يُضل ومضل ،مستندين على القول بعدم العقلانية والتفكر في الدين ،وهذا من الأخطاء الفادحة والشائعة التي نتناقلها جيلاً بعد جيل دونما تدبر في آيات الله التي تحرضنا على العقلانية وتحفز عقولنا على البحث والتفكير.. فالدين يا أحبائي لا يُعرف ولا يُكلف المُكلف إلا بالعقل ، فكيف نخشاهُ  وهو مركز التلقي الرباني والنور المتجلي فينا ،إذ لولاه  لما سمي الإنسان إنسانا ؟
وما المرفوض في الدين  والمذموم إلا الهوى وأتباع النفس الأمارة بالسوء المنصتة  لوساوس الشيطان  ،
لأن الشيطان لاسلطة له على العقل مطلقا....
 كيف وهو الذي رفض الخضوع لسلطانه حين أمره الله بالسجود لأدم العاقل ؟ فكان من باب  أولى أن لايخضع العقل له ؟
إذ تكمن جل سيطرته على النفس التي هي مركز الشهوات والرغبات والتهيجات ،  من تنصت إليه وتتبعه لأجل إشباع غرائزها وشهواتها فهي  المتلقي  الأول لوساوسه ، وأما العقل فلايخضع له أبدا حيث لاشهوة له ولارغبة إلا العلم والمعرفة والبحث والتحليل والتصنيف  ... وهو من هو  المسخر له مافي السموات ومافي الأرض  ،وتأملوا معي  ماذا قال الله تعالى : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } (البقرة:44)
 انظروا إلى مكانة العقل هنا وتأملوا ؟
وقال أيضا ً :
 كذلك يحي اللهُ الموتى ويريكم آياته لعلّكم تعقلون)
وقال أيضا ً:
 إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار لآيات لأوْلي الألباب)
وقال أيضا َ:
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً).
لاحظوا قوله تعالى ،لا يجدون في أنفسهم حرجا ً...ولم يقل في عقولهم أو ألبابهم ،وكأن النفس هي من ترفض الحق وتأباه لأن الشيطان لا سيطرة له إلا عليها ،فهي مركز الإتصال الوسواسي المباشر له ؟
وفي القرآن الكريم الكثير والكثير من الآيات  التي ترفع من شأن العقل ولا تذمه أبداً بل  تجعله هو المخاطب والمناط به هداية الإنسان إلى جادة الصواب والطريق المستقيم ، فهو  المدير على النفس والمسئول عن هدايتها ؟
ولاننكر  بأن نوازع النفس والهوى هما من يرفضان الحق ويضلان صاحبهما ،أنظروا معي قوله تعالى في النفس والهوى قال تعالى :
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا)
وقا ل أيضا :
وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير‏)
لو عقلوا ..ولكنهم لم يعقلوا ؟
وقال أيضا ً
وما أبرئ نفسى إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم وقال ايضا : لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لاتهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون  ...
لاحظوا وتأملوا قوله بمالاتهوى أنفسهم وليس عقولهم ، فالعقل كما قلنا هو الهبة الإلهية والمنحة الربانية التي وهبها الله للإنسان وكرمه وميزه به عن سائر المخلوقات الأخرى،فحسبه أنه وعاء الحق ومُمحصه ِ وحاضنه .. فكيف بعد هذا يكون مضلا لصاحبه ؟؟
إن الله سبحانه وتعالى قد جعل العقل  للإنسان نوراً  يهتدي به إليه ويدرك وجوده ُ ويرشده للإيمان به سبحانه وتعالى  وإلى معرفة دينه ويميز به الحق من الباطل ،ولا يكون  المرء  مكلفا شرعا إلا به ،وكأني به ، بوصلة الحق التي تحدد أين موقعه ومكانه .
ورب قائل ٍ يقول لي ،أنت من العقلانيين ؟ ،
أقول وماضرني أن أكون ممن خاطبهم الله وميزهم بالعقل وأمتدحهم بقوله يا أولي الألباب؟؟.
(رغم أني لا أرى أن هنالك مخلوق أسمه العقل ، كجزء كامل مستقل بذاته مُركب في جسم الإنسان؟
لا تتسرعوا في الحكم
في أخر هذه المقال سأوضح ذلك ؟؟!!)
وتأملوا معي هذه المطابقة ،
الإيمان يؤدي بصاحبه إلى رضى الله ومن ثم إلى الجنة
أفلاتؤمنون.
والعقل يدل صاحبه إلى طريق  الإيمان
افلاتعقلون .
ولو جمعنا  معناهما معا ً لأصبحتا هكذا
لوعقلتم  ..لآمنتم  ؟؟؟؟
فهما وجهان لعملة واحدة ...أسمها( الإنسان المستقيم عقلا ً وإيمانا )
فيجب علينا أن لانغفل العقل عن التدبر والتفكر والسؤال والبحث فإن به يرتقي الإنسان ويزداد علما ،،وقل ربي زدني علما )
ونقول لمن لايعتمد على العقل ، أنه يسير خلف هواه ونزعات نفسه وما وجد عليه أبائه ومذهبه ؟
 فما العقل  إلا سفينة نجاة....
كما يجب علينا التفريق بين الغيب المطلق الذي لا يستطيع العقل الوصول إليه  وإدراكه  ولا التفكير فيه... لمحدودية  ما خـُلق له ....وبين الغيب النسبي الذي كان غيبا ً لبعضنا فأصبح حقيقة وعلما للبعض الأخر ،
والغيب المطلق هو :
ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ،
 لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)
ولم يكن له كفواً أحد)
هل فهمتم ماأعنيه ؟؟
أما مادون ذلك فمتاح للعقل أن يتفكر فيه ويتدبر،
فياحبذا لو نتدبر ونتفكر ولو لحظات من خارج أمكنتنا المادية وعالمنا الجسماني الفاني .. لنتعرف على
الما ورائية  ؟
فنرسل خيالات عقولنا إلى ما ورائيات الأجسام  لننظر بها  الملكوت الأعظم الذي نجسمه دائما ًمن خلال تصويرنا له حين تعجز مداركنا عن رؤيته ؟ ، وليتنا نشاهد العالم الماورائي المحيط بنا بصورة مختلفة مكملة لما نراه من ماديات لندرك روعة الوجود، وروحانية الملكوت ، فنحن ما أن  نسمع بأمر ٍ ما غيبي أو حسي أو ما ورأي هرعنا إلى خيالاتنا نطلب منها أن تصوره وتجسمه وتمثله لنا لنراهُ ماثلا ؟؟
مع علمنا  بأن الكون كله ليس مادة مرئية فقط ،على الأقل من منظور إنسان محدود الطاقات ،فالملائكة والجن وعالم الفيزياء والفضاء والضوء وكل مايحتويه الكون ،وكذلك مركبات الإنسان كالنفس والعقل والمشاعر والخوف والفرح والحب والرغبات والتصور كل ذلك ليس بماديات ،فيا حبذا لو رأينا الكون من نافذة روحانية عقلانية نورانية لنرى من خلالها صورا لم نراها من قبل،  لنجرد أنفسنا عن الماديات التي تلازمنا وتحاصرنا في كل مجالات حياتنا لنسمو بها قليلا ً عن طينيتها ،
 وياليتنا أيضا ً أن لانكتفي بما نقل إلينا من قوالب فكرية قبلناها كما هي وجعلنا عقولنا أوعية لها تتلقفها كل حين فأضحت لدينا من المقدسات ،مع علمنا أن من فكر فيها قبلنا  قد مر بمرحلة الاستمتاع  التدبري والفكري والخيال الماتع المتأمل ليصل  إلى ماوصل إليه من  حقائق وعلوم أتى فوضعها لنا على شكل صور ٍ تقريبية فوق صفحات ميتة وحروف خرساء اعتمدت على علمه وفهمه الزمني والمكاني،
 وليس المتأمل كالمتلقي ؟
فتلقفناها من دون تدبر ٍ أو تفكر، مما جعلنا لا نحس بروحانيتها ولا بحلاوة تأملها .. فما كان منا إلا أحدى حالتين ،
إما متمسك بها رافض لغيرها لما ترسخ في عقله الباطن الذي استشربها حتى أثملته ..فأضحى لا يقبل ممن يعارضه شي  وماذاك  إلا لجهله  بمراحل تكوينها وولادة وجودها في كنهات الفكر وظهورها بعد ذلك إلى عالم المادة،
وإما  تائه  في مهب الريح ،فهو لا مع هولاء ولا مع هولاء ..مذبذب بين ذلك   لعدم ثقته بمافـــُكر له ووصل إليه  مقولبا.
لذا فلتقبلوا مني ماسوف أضعه هنا بين أيديكم (فضلا ً لا أمرا )... بعقل لايقبل إلا بكل ماهو منطقي ومقبول ومستدل عليه ،ولتبحثوا عن كل ماسوف ترونه غريباً عليكم ومفهومه لم يصل بعد إليكم ومحصوه بمحمصة عقولكم وتدبراتكم بعيدا ً عن المؤثرات الموروثة ،ثم أحكموا ،وأنا لكم صدر رحب ..يقبل كل رأي لايوافقه ُ.
(إشارة إلى الأسلوب الذي أنتهجته في التأملات )
إن أسلوبي الذي أعتمدته في تأملاتي يرتكز على رويتي إلىأن  كثير من آيات القرآن الكريم تحتاج منا أولاً إلى وضع فكرة لها أكثر من مجرد تفسيرها التفسير النمطي التقليدي العابر الذي لا يفسر معانيها ولامقاصدها أوفكرتها ومرادها بشكل مترابط ،ثم بعد ذلك عرضها على تلك الآيات  فإن وافقتها ولم تخل بها أو بأي أمر عقدي أو محكم فهي هي ، وماهذا إلا لأن تلك الآية أو الآيات إما أن تكون إشارة إلى أمر ما لم يكتشف مفهومه أو هي  إخبار عن أمر غيبي من أمور الآخرة أو عن حدث لابد من الإحاطة به ،فمثلاً آية ،نجعل صدره ضيقا ً حرجا ًكأنما يصعد في السماء) ،هذه الآية ماكان للسلف أن يفسروها كما يجب لعدم العلم بالمقصود لأنها تحتاج منهم العلم بمسالك السماء وبما فيها ليدركوا المراد منها،وقد عُرف معناها في عصرنا الحاضر  بفضل العلم الحديث  ،كذلك لو أن آية تحدثت عن أمر قبل بداية الخلق ليس لها مايفسرها في غيرها ،فإن هذه تكون حكمها حكم التنظير ،وهو أن توضع في نظرية لمعرفة مقصودها كأن تكون الآيات أو الآية تتحدث عن أمر لايعرفه أحد من قبل فتأتي لتعطي إلماح لقضية ما ، لم يكن لتعلم لولا وضع هذه النظرية  فلانستطيع تفسيرها إلا بها وبالطرح المتكامل لها.كأن نقول مثلا ً أن آدم لم يكن فردا بل مجموعة  ولم يتشكل خلقه من الطين كهئية التمثال بل مر بمراحل عدة ومنها الماء والطين والنبات وبشر ماقبل النفخة و..و.....الخ وهذا كله لايعرف تفصيله بوضوح إلا بوضع نظرية متكاملة ومترابطة من منطلق العلوم المختلفة لنصل في النهاية إلى معرفة جميع الجوانب المحيطة بمايجب معرفته  مستدلين على ذلك كله بإشارات القرآن الكريم المتكررة في جميع السور لنكون من ذلك فكرة كاملة الأبعاد متعددة النقاط   ..  أما أن نضل نفسر كل آية على حدا وفي منأى عن الأخرى فهذا لن يوصلنا إلى معرفة المراد والمقصود.
 .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
_______________________

(فصل في مسمى العقل )
أولاً: معناه في ( اللغة ) :
العقلُ: العينُ والقافُ والّلام أصلٌ واحدٌ مُطردٌ يوضح عُظم الشيء في حبسه فيه أو ما يقارب ذلك.

وهو مصدرُ ( عَقِلَ )، يَعقلُ عقلاً فهو معقولٌ وعاقلٌ.
وأصل معنى العقل: هو المنع، ويقال فيه أيضاً عَقِلَ الدواء بطنه، أي أمسكَهُ.
وعَقِلَ البَعيرَ: إذا شُدَّ الساق إلى بقية الذراع بحبل واحد لمنعه من الهرب

العقل الإمساك عن القبيح، وقَصرُ النفس وحبسُها على الحسن.
ويقال عقل الشي ،أي أدركه وعلمه ،وعقلت الشي أي أدركته وعلمته ورجل عاقل أي عالم مدرك والعقل كالفعل ،

وقيل لرجل وصف - نصرانياً - بالعقل ( مه ) إنما العاقل من وحَّد الله وعملَ بطاعته وقال أصحاب النار ( لو كنا نسمعً أو نعقِلُ ما كنا في أصحاب السَّعير ) وعلى ذلك فليس كلُّ صاحب ( دماغ ) عاقلاً ولو ظنَّ نفسه - مفكراً - أو وُصف بأنه - فيلسوفا - أو – عقلانيا> أنتهى  .

ومن هذا وغيره نقول لم يرد في القرآن الكريم  ولا آية واحدة تقول أن الله خلق للإنسان عقلا ً كجزء ٍ مستقل ٍ بذاته ؟ّّّ!!!!
لاتتعجبوا أبدا ً وأنتظروا ،
فقد قال تعالى :،أنشاء لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ً ماتشكرون ،
 فالسمع ناتج عن إعمال وفعل الأذن والبصر أو النظر ناتج عن إعمال وفعل العين
والتعقل ناتج عن إعمال القلب أو الفؤاد الذي هو باطن القلب ،قال تعالى: لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم اضل أولئك هم الغافلون ،
فهل بعد هذا سياتي من يقول أن هنالك مخلوق أسمه العقل كمخلوق مستقل بذاته أو كجزء من تكوين وتركيبة الإنسان؟؟
وهو الذي لم يذكر إلا كوظيفة استقطابية هامة لجزء فاعل من أجزاء الجسم ألا وهو القلب النابض أو الفؤاد محل نظر الإله وتلقي الإلهام والوحي والفكرة ؟ أوليس القلب هو محل النظر الإلهي والنور المتصل بين الهدى المفطور عليه الإنسان وبين نور الله ؟
إن الله لاينظر إلى وجوهكم ولا إلى أجسامكم بل ينظر إلى قلوبكم التي في الصدور أو كماقال حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فياأيها الأخوة إن مانسميه عقل ماهو إلا محلل للأحداث و فلتر فكري دقيق  وحساس يقوم  بعملية التحليل المجرد والتحليل المتسلسل وتنظيم طريقة التفكير والحوار المبني على أسس منطقية وبيانية ومساحة تفاعلية فيزيائية منفصلة عن الجسم متصلة به مرتبطة  بعوالم أخرى يستقبل منها جملاً خاماتية مجملة يقوم بتحليلها وتجزئيتها ثم تصنيفها وفرزها ليستخرج منها إصدارات فكرية متكاملة ومترابطة تتنوع بحسب المُدرك ومن ثم يقوم بتوزيعها على خلايا الدماغ التي بدورها تقوم بنقلها للذاكرة ليُرجع إليها حين الحاجة من بعد أن يقوم بنقلها إلى العضو المعني بالوارد والصادرعنها فعله  فيكون نصيب واستقبال كل جزء من مركبات الجسم  بحسب حاجة كل جزء منها ،وبعد هذا يأتي الفعل الذي ينشأ على ضوء ذلك الإستقطاب والفلترة والتحليل والتصنيف والتوزيع يأتي على شكل فعل أو قول؟.
فصل في النساء ناقصات عقل ؟:
ولنا وقفة مع قول رسول الله عن النساء بما معناه مارأيت ناقصات عقل ودين ...إلخ يقصد به النقص في الإحاطة بأمور الحياة لقلة الخبرة المتاحة لهن في ذلك ،أو الإدراك الوعيي بسبب تغلب العاطفة لديهن على العقلانية ،فإحاطتهن بماعلمنَّ وإدراكهن لما سمعنَّ يكون بوعاء العاطفة وليس بوعاء التعقل ـ وما قول الله عن شهادتهنَّ  التي قال لتذكر أحداهن الأخرى في حال أن تضل إحداهن ــ إلا لأنها يهوي عقالها وتعقلها عند الأمور التي تحتاج إلى حزم وقرار،  فتكون عاطفية أكثر منها عقلانية ، بعكس الرجل ، فهو عقلاني ،
وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ) هنا فؤاد الأم العاطفي
(
وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين. رب هب لى من الصالحين. فبشرناه بغلام حليم. فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى )وهنا فؤاد الأب العقلاني
وكل ُ ُ مصدره القلب أو الفؤأد...ولو ضربنا لهذا القول مثالاً بسيطاً من حياتنا  بشخصين  أحدهما عاش في البادية وصحرائها وشمسها وريحها وصعوبة العيش فيها وقساوتها ، وآخر عاش في مكان استوائي تتوفر فيه الأمطار والأشجار والعشب والمناظر الخلابة وأعتدال المناخ ورخاء العيش وتوفر الإحتياجات ، وعرضنا عليهما قضية مصيرية واحدة سنجد بأن كل واحد منهما قد رأى رأيه ُ  فيها  من واقع تكوينه المناخي والمعيشي ومن واقع تشكل نفسيته المتأثرة بمحيطه وبيئته كذا هو الأمر عند المرأة والرجل فمناخ الفؤاد النسائي مناخ عاطفي رقيق حساس راجع لمكوثها في البيت وملاصقتها بأبنائها الذين تقوم برعايتهم والعناية بهم بعاطفتها وحبها وخوفها عليهم ، ومناخ الرجل عقلاني قوي صارم يرجع إلى طبيعة المجتمع المتشكل منه وإلى ما يمر به من أحداث يومية في مجال عمله ومجتمعه ومحيطه ،وقد رأينا في عصرنا الحاضر وشاهدنا نساء علت سدة الحكم والسلطة  وأستطاعت أن تنافس الرجل في كثير من المجالات التي كانت حكرا عليه  بل وتغلبت عليه في كثير من الأحيان وماهذا إلا من طور تشكلها المختلف عن مثيلاتها ربات البيوت بسبب تفاعلها مع المجتمع وأنخراطها في تنظيمات سياسية ومنافسات ومشاركات في مالم يكن متاح لها من قبل ،مما كون لديها إرتفاع في العقلانية وإنخفاض في العاطفة .
 ولعل كثير من الرجال يتباهى بهذا الحديث ظنا ً منه أنه هو المالك للعقل الكامل ولم يعلم بأن هذا نوع من التكامل بين الجنسين فإنخفاض هذا يقابله إرتفاع في ذاك ،لأن تعقل الأثنين يعني إنخفاض في العاطفة وربما محوها وإرتفاع العاطفة يعني إنخفاض في العقلانية وذهاب الأمور في حيص بيص ،ولكن التوازن فيمايملكه الطرفان يجعل سفينة الحياة تسير في اعتدال وأمان.
وإليكم هذا التناظر الطريف
المرآة جميلة ________مقابل قلة وسامة الرجل بل وقبحه في كثير الأحيان
القوة البدنية عند الرجل وهي قوة عضلية____مقابل قوة التصبر عند المرأة في تحملها أعباء تربية الاطفال والحمل وهي قوة تحكم بالأعصاب.
عاطفة المرأة ____يقابلها عقلنة الرجل
كالشمس والظل،
نعومة صوت عند المرأة ____يقابلها خشونة عند الرجل ،
كثافة شعر جسد الرجل ____يقابلها نعومة عند المرأة
الحياء عند المرأة ____يقابلها (؟؟؟؟)عند الرجل؟
ولعلي أرى بأنهما قطبين ذواتا أنجذاب لبعضهما  يلتقيا في نقطة التكامل سالب وموجب ؟

ونخلص من هذا كله إلى أن لكل واحد منهما قسمته التي أختصه الله بها فلا يتعالى أحدهما على الآخربمايملكه ، لأن مايملكه هذا يفتقر إليه ذاك ولعل هذا يجعلنا  ندرك مفهوم العدل والتوازن بين الرجل والمرأة الذي أتى به الإسلام وليس المساوى التي يأتينا دعاتها من حين لآخر محاولين انتزاع الاعتراف بالمرأة وكأنها أتت من كوكب آخر يجب الاعتراف بها كأمر واقع،  بل  وكأنهم بهذا الإدعاء يضعون الاثنين في كفتي ميزان ليساوي أحدهما الآخر فإن رجح الميزان لأحدهما سارعوا بمطالبة الآخر بمازاد عنده ،وكان الأولى َ بهم و عليهم أن يضعوهما معا ً في كفة وأن يضعوا في الكفة الأخرى عبارة (الإنسان)،،لأنهما معا ً يساويان هذا العبارة ،فهما معاً يمثلان شطري الإنسان ،فالواحد منهما بدون الآخر لايكتمل .
أوليس هذا هو التفسيرالمنطقي  لأمور عجزنا عن تفسيرها فيماسبق ؟؟ حتى أن البعض ذهب إلى قياس حجم دماغ المرأة وأطلق الصيحات حينما أكتشف صغر حجمه ناسيا ً أن العقل أو التعقل لاتربطه بالمخ  علاقة  مباشرة ، فمن يعقل الأمور أي يدركها ويحكمها ويحيط بها حتى لاتنفلت هو القلب أو الفؤاد قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
لاحظواعبارة (قلوب يعقلون بها ،
قلوب يعقلون بها،
 وكأن القلب هو من يعقل وليس مانسميه بالعقل الذي نروج له ونشير إلى وجوده في رؤوسنا و هو الذي  ليس إلا أسمُ فعل ٍ لما فُعل فِعله ...وفاعله هو القلب النابض،
وما الدماغ أو المخ إلا منظم  (كهروحركي )لأعضاء الجسم وفيه تكمن الذاكرة مخزن إستيرادات القلب ومصنفاته ولعل هذا مايفسر لنا بعض أسباب الصداع الناتج عن كثرة التفكير... فالقلب بعد قيامه  بالتحليل والتصنيف يقوم بوضع المصنفات في مخزن الذاكرة التي بدورها تتلقى المصنفات الواردة إليها فينتج عن هذا بعض الألام البسيطة للدماغ بسبب الشحنات المعلوماتية القوية المترددة المرسلة إليه ؟.
الذاكرة في نظري:
تنقسم الذاكرة إلى قسمين رئيسين ،الأول ، ذاكرة وهمية ، كمايسميها العلماء وأسميها أنا الذاكرة (المنفصلة) وهي تلك المخزون الهائل الموجود في ملف كل واحد منا ... من تحتفظ به الملائكة الكتبة ... وهي عبارة عن معلومات قولية وفعليه تنشر لنا يوم الحساب فلاتغادر صغيرة ولاكبيرة ’ والثانية هي الذاكرة (المتصلة) الموجودة في ملف الدماغ والتي تشمل الفعل والقول والإضمار (مايخفيه الإنسان بصدره ) وهذه تضعف كلما كبر الإنسان وشاخ ، و كلا الذاكرتين وظيفتهما حفظ الكليات المتضمنة للجزئيات،  التي نقلت إليهما عن طريق الحواس أو التفكير والتحليل أوالإضمار ، وحين الرجوع إليها تقومان بإعطاء القلب الصورة الكلية للواقعة أو الحدث المُتذكر ليقوم بعملية التحليل لها ومراجعتها من جديد ليصنفها مستعينا ً بما بقي من ملامحها وأبعادها ثم يقوم بتركيبها مرة أخرى ليكون منها صورة جديدة فيراها أمام عينه التصورية  لتستشعرها الحواس بحسب نوع المُتذكر حزناً كان أو فرحا ً أو غيره فتحدث ردة الفعل النتاج الأخير لهذا الإسترجاع،؟، .


 هذا والله وحده أعلم .
:يتبع :
في الفقرة القادمة ــ تمهيد لقراءة التأملات .

((أقراء المــزيد)) ..........