Cool Red Pointer
Glitter -->

شريط الإهداءت

السبت، 30 أكتوبر 2010

( تأملات أبوريان في قصة هابيل وقابيل )

_____

تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان
إنا عرضنا الأمانة...
إن أعظم هبة وهبها الله للإنسان ، العقل ،
فهو محل التكليف والاحتجاج والإدراك ،وغرفة التحكم بأمور الخلافة ومحرك البحث للوصول إلى ملفات الملائكة المعلوماتية الخاضعة الموكلة والمخلوقة لهذا الواجب....العقل الذي سُخر له مافي السموات ومافي الأرض .
،وبهذه المكرمة الربانية  النورانية كان لزاما ً أن يهبه الأمانة التي لا تعطى إلا لكل ذي عقل مُكلف ، ألا وهي الحرية ،والتي أنبثق منها الخلافة ؟
نعم الحرية
حرية التكليف الاختياري.
فالحرية بمفهومنا العصري ــ أو التكليف الاختياري بمصطلح القدماء ...هي الأمانة التي حملها الإنسان بعد أن مُنح  العقل فجعلته يتصرف كيفما يشاء بماسخر له من قوانين الكون والطبيعة  ..وكأنه إله الأرض يفعل فيها مايشاء وزيد على ذلك أن وهبه الكثير من صفاته اللا مماثلة في الكيف بل في المسمى ،كالكرم والقوة والرب والجبار والملك والمؤمن والعزيز وغيرها من الصفات التي  لم تعطى لغيره كما جعله خليفة على نوعه وأرضه ،وعليها وبها كان الالتزام والإلزام  الإلهي في أن يوجه الإنسان كلما زاغ ومال عن السلوك السوي بسبب رغبات نفسه وهواها أو أتباع لعدوه اللدود الذي شاركه ُ هذه الحرية ألا وهو الشيطان ؟
فالشيطان له من الحرية نصيب ، ولكنه سخرها كلها للغواية  و لم يعد مكلفا ً بشئ لينال عن التكليف الثواب ، ولطرده  من دائرة الرحمة الإلهية وبالتالي من الجنة وعلى هذا فهو ليس كالإنسان مكلفا ,
ويتمثل التوجيه الإلهي للإنسان  في إرشاده إلى الطريق القويم المستقيم عن طريق الرسل والكتب والعقل مع ترك الخيار المطلق له في القبول  أو الرفض واختيار أسلوب حياته كيفما يشاء، فهو سبحانه وتعالى أراد للإنسان أن يكون ربا ً للأرض مديرا لها  يقوم ببنائها بما أوتي من حرية وتفويض وعقل متصل به عن طريق ملائكة علمه ثم ترك له الحرية في التصرف بما سخر له فإن نجح في الاختبار فاز برضاه وجنته وهي شهادة الإله الكبرى وإن خسر وخاب نال الجزاء الأوفى ولو لاحظنا إلى سير الحياة وترقي الإنسان وتقدمه وتداول  الدول وتغير المفاهيم ورقي الحضارات  لأدركنا أن الله قد أودع في ماسخره للإنسان كل متطلبات الإدارة والخلافة فلا يتدخل في شئونه أو في تسيير حياته إلا إذا طلب منه ذلك من خلال الدعاء ,إدعوني أستجب لكم ،وإلا فهو ساير بما أتاه وقدر له كذلك لايتدخل في تغير نظام معين أو حالة إجتماعية إلا إذا بداء الإنسان بالإخلال بالنظام العام للأرض  إن الله لايغير مابقوم ٍ حتى يغيروا مابأنفسهم وهو التغير  الذي يشمل إحقاق الحق وتثبيت العدالة وتمكين الخير من السير بالمجتمع  كأن يقوم بالقضاء على قوم ظالمين لاعطاء ملكه لغيرهم ممن يرى فيهم الصلاح والاستقامة... يؤتي ملكه من يشاء وهذا مايفسر لنا عدم تدخل الله في كثير من شئون البشر وأعني بالتدخل هنا ..التدخل المباشر لأجل التسيير لتغيير نظام التخيير ، ووالله أنها لهبة ربانية لايعرف قدرها إلا من تأملها وتدبرها ،فهديناه النجدين عمل الخير والشر ،ليبلوكم أيكم أحسن عملا ،لينظر كيف تعملون ،وليعلم الذين أتقوا والذين كفروا وفسقوا وظلموا ،فاللهم لك الحمد على ماأنعمت ووهبت.
ولو لاحظنا أن كثيراً من أنبياء الله كانت من أساسيات دعوتهم إلى الله أنها تـُدعم بقليل من المعجزات لإثبات استثنائهم عن الخلق الباقين وبالتواصل الوحيي ،وماكان هذا إلا لكي يُصدقوا ويتبعوا ويميزوا عن غيرهم من البشر ...مع قدرة الله على أن يجعلهم خارقين لكل شئ  وفاعلين لكل شي وأيضا ً مع قدرته سبحانه على أن يجعل الناس كلهم مؤمنين به غير ضالين ولا مضلين قال تعالى :
(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ... )
ولوشاء ربك لهدى الناس جميعا)
لكنه  يريدها حرية إختيار وصدق عبادة .
وانظروا إلى قوله تعالى :أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟
وكأنه يقول له أنا أريدهم أن يؤمنوا بي ولكن  بغير إكراه فالإكراه أنا قادر عليه،،  لكنني أريدها عبادة عن قناعة وحرية كاملة نابعة من ذوات أنفسهم التي خلقتها لهم مخيرة مختارة غير مجبرة وعن رضا واطمئنان فأنا وهبتهم كل مايحتاجونه من مسخرات تأتت لهم وسأجزيهم على المحافظة عليها وعلى الألتزام بماخـُلقت له وعلى الإعتراف بي كإله لهذا الكون مدبر أمره وخالقه والقادر عليه وأنه لايشاركني فيه أحد فوهبتهم الأرض ليعلموا معنى أن يكون هنالك شركاء في الأمر وأنه يختل التوازن ويذهب كل ُ ُ لما خلق وصنع وماالصراعات التي تحدث على الأرض إلا نتاج لعدم وحدة المدبر فيها من البشر ولكثرة المشاركين فيها و وهبتهم صفة من صفاتي وهي المشئية التي منحت لهم ،وماتشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ، يفعلون بها مايشاؤؤن ليعلموا من خلالها قدرتي ومشئيتي وأنني قادر على نزعها منهم وأنني قضيت بعدالتي أن لايكونوا مسيرين ..
وهذا النوع من الإيمان الإختياري المبني على الحرية هو من العبادة العليا التي جُعل جزاءها جنة خلد ونعيم مقيم ودائم لانهاية له ولا فناء ... عبادة ارتكزت على وسائل تفكرية عقلانية بواسطة الإدراكات المنشأة للإنسان والتي ترك لصاحبها الخيار في القبول والرفض  ، عبادة قامت على حرية مفتوحة من رب لم يراه ُ أحد من عباده   ،وهي أسمى أنواع العبادات التي لا تضاهيها في الكون عبادة ...حتى عبادة الملائكة الكرام ،الذين لايعصون الله ما أمرهم  لأن قانون خلقهم أقتضى خضوعهم  كذلك خلوهم  من الرغبات والشهوات التي لدى الإنسان وكذا خلوهم من وسوسة  الشيطان ،كما أنهم ليسوا ممن  لهم جزاء أو ثواب لعبادتهم الدائمة ،
فالإنسان حين يؤمن بالله فهو بذلك قد أيقن بوجوده وتحرر من قيود شهواته ووسوسة شيطانه وأنتصر عليه  وهزمه في ميدان تحديه أمام خالقه حين قال لأغوينهم أجمعين ،وسخر حريته لله وفي الله ،
وسمى بيقينه وإيمانه إلى مرتبة تعلو وتسمو على مرتبة الملائكة التي كان يطمح لها الشيطان من قبل، فأراد الله أن يختبر إيمانه بخلق جديد أسمه الإنسان ،الذي أمره بالسجود له فأبا فكان الإنسان شاكرا لربه على هذه المكرمة الربانية حيث أبا إلا أن يسجد لله حين أمره أن يسجد ، وأ تبع رسله حين بعثهم إليه هادين له ،وإن أضله الشيطان يوماً فما يلبث أن يطرق باب رحمة ربه وخالقه يستسمحه ويطلبه العفو والمغفرة فيتوب عليه أنه هو التواب الرحيم فباب توبته مفتوح له و مغلق عن نده وعدوه الشيطان.
ومن هذه المقدمة الروحانية  نستطيع القول ...أن الحرية هي الأمانة العظمى التي حملها الإنسان قبل أن يصوره الله  في هيئته الجسدية الترابية الطينية ،
فما أن عرضها عليه قبلها وهي من  تبرأت منها السموات والأرض والجبال اللتان جاءتا طائعتين ،
قال تعالى :
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )
الأمانة هنا كماقلنا هي الحرية ،حرية الاختيار والتكليف  ،فالسموات والأرض اختارتا الطاعة منذ اللحظة الأولى لخلقهما ،وأما الإنسان فقد أختار الحرية والاختيار فكان ظلوماً لنفسه ِ جهولا ً بما سوف يحيط بتلكم الحرية من تبعات ومتاعب .
وقد جاءت آية مباشرة لهذه الآية تقول :
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِوكان الله غفورا رحيما)
هذه من نتائج الحرية والاختيار؟
 العذاب للرافضين عبادة خالقهم وإلههم وللمنافقين  ،ولكنه سبحانه غفور  رحيم بمن ناء بنفسه من أن يلقيها في غياهب الظلام الشيطاني )
وقد جاءت آية قبلها تقول :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا  )
يطلب منهم أن يؤمنوا وهو سبحانه  القادر على إجبارهم على ذلك  لكن عدالته وحلمه قضت أن يدعوهم ويبين لهم ويرشدهم ويدلهم سبله ، وهم من بعد هذا لهم الخيار في الإجابة أو الرفض ،ورغبهم فيما عنده من الثواب ، فلمن يستجيب منهم يفوز بغفرانه ورحمته وجنته وهو الفوز العظيم .،
(أنواع الأمانات في القرآن )
أولا ً :الأمانة الكبرى وهي حرية الاختيار في القبول أو الرفض في الإيمان أو الكفر ،في العصيان أو الطاعة ، وهي صفة عظمى وهبها الله للكون كله فرفضها الكون إلا الإنسان تكبد مشاقها وحملها وكان نتاج لهذه الأمانة ، الخلافة في الأرض والتشريف الرباني والإخضاع الكوني له ، وتأكيدا ً لقولنا بأن الأمانة هي الحرية ، لأنها  الممتلك الوحيد الذي يتساوى فيه كل البشر فقيرهم وغنيهم صغيرهم وكبيرهم مسلمهم وكافرهم ظالمهم وعادلهم . بعكس بقية الأمانات الأخرى التي يتعامل بها البعض ،و تعد أمانات نسبية تتفاوت حصصها بين البشر؟!،
وتنبثق من هذه الأمانة العظمى عدة  أمانات أخرى مرتبطة بها كهذه التي في الآية التالية :
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)
نوع هذه الأمانة أقل درجة من الأولى فهي أمانة معاملات وتعاملات مع الخلق ، بينما الأولى ،معاملة مع خالق الخلق ومسخراته .
وكذلك التي في هذه الآية :
(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وََعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)
فهذه ماثلت أختها التي قبلها ، مع أضافة الوفاء بالعهد لأنها أساس  تعامل الإنسان الكثير التعاملات مع الآخرين وهي من صفات المؤمنين ،

وأيضا ً
 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)
هنا المقصود بالخيانة هو كل أمر أؤتمن الإنسان عليه أيا ً كان   لله أو للمخلوقين وهو الأمر الذي يكون قد ألزم المرء نفسه به .
وللشيطان حرية ؟
وقال الشيطان
قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين)
هنا نرى حرية من نوع أخر ليس لها أي مبادئ تقوم عليها إلا مبداء واحد وهو إضلال الإنسان بأي صورة كانت وبأي طريقة ممكنة ،لجعله يهلك في دروب الضلال  المؤدية إلى جهنم وبئس المصير ,فالشيطان يملك حرية كحرية الإنسان وهبت له من قبل أن يعصي الله فوصل بها شأواً ولكنه وبسبب حسده للإنسان أضاع كل شي ، وقد زادت صلاحيات حريته  بعد  أن عصى وتكبر وتمرد عن أمر ربه حين أراده أن يكون تحت أمرة  وإدارة الإنسان ، ،فأبا ذلك وأختار تسخير حريته  في العصيان وكان له ماأراد وهو أمر قضاه الله لمخلوقه الإنسان ،وعدالة إلهية للشيطان أن حرمه الجنة وطرده من رحمته إلى الأبد مع إبقائه إلى اليوم المعلوم وتمتعه بهذا الاستغراق الزمني المعلوم والمحدود،
و تتفاوت حرية الشيطان مع حرية الإنسان ، فهذه تؤدي بصاحبها إلى النار لامحالة ، وتلكم إلى الجنة إن إستقام صاحبها وسار على الطريق المستقيم مع رحمة ربه المحيطة به والقابلة لتوبته إن أذنب مع تغاير المسخرات لكليهما ،
إذ إن الإنسان مسخر له كل مافي السموات والأرض إلا الشيطان لم يرضى أن يكون في دائرة السيطرة والتسخير ،وقد حرم الشيطان من كل هذا   ،لكنه بالمقابل أعطي القدرة على أن يكون المسيطرالوحيد باسلحة الوسوسة  على الإنسان وأن يشاركه في كل مايملك من مال وأولاد وبها تكون سيطرة الشيطان على الكون المُصغر المتمثل في الإنسان  .
ولنا وقفة مع الجان ،
هل هم أيضاَ لهم حرية ؟
نقول  نعم ،فهم  في أيديهم أن يؤمنوا أو أن يكفروا ولكن لاسلطة مباشرة لهم على الإنسان كسلطة الشيطان التي وهبه الله إياها جزاء له في الدنيا ، إذ إن حريتهم محدودة في نطاق مجالهم وعالمهم    مجردين ومنزوعين من مادة الجسد التي لم ينالها إلا الإنسان كمخلوق عاقل؟ .
ولنا أن نقول :أنه كلما زادت الحرية (الأمانة )زادت التكاليف وزاد التسخير والتذليل .
قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم)
الله لايغوي  أي مخلوق من مخلوقاته   ، فأمرالله كله خير ،
لكن الشيطان أ ُمر فعصى فكان من المطرودين الخارجين من رحمة الله ،  ولو أنه خضع لآدم لكان من المكرمين والمنعمين والمقربين .. لكنه عصى وتكبر فنال عقابه وجزاءه ،
والآية هنا تقول ( فبما أغويتني) أي أهلكتني بقرارك هذا الذي طردت بموجبه من رحمتك ، لأقعدن لهم صراطك المستقيم ،فصراط الله مستقيم لا إعوجاج فيه ..وهو بهذا لم يعد له عمل يقوم به بعد اللعن (الطرد من رحمة الله ) سوى غواية الإنسان  ، شغله الشاغل الذي لايتوانى في جعله ينحرف عن صراط الله المستقيم ...
وفي القاموس المحيط (الأغوية )أي المهلكة وكذلك غيا (فسوف يلقون غيا )أي خسرانا وقيل شرا وقيل واد في جهنم.
قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم و لا تجد أكثرهم شاكرين ).
 شاكرين على مافعلته لهم وعلى ماأنعمت به عليهم وعلى مافضلتهم عليَّ وعلى غيري.
ونحن نقول بل خسئت أيها اللعين فبفضل من الله نحمده ونشكره ونتوب إليه ونعوذ بالله منك ومن شر عملك و شر أعمالنا ومن وسوساتك ووساوس أنفسنا ،اللهم لك الحمد حمدا بعدد علمك بالأعداد وبزنة عرشك الكريم وبملئ سمواتك وأرضك ،لك الحمد كلما نكس ووسوس الشيطان لك الحمد حمدا يليق بك وترضاه منا ،حمدا كما ينبغي لوجهك الكريم حمدا ً أزليا ً كأزليتك وباق كبقائك
ودائم كديمومتك .
 ،و صلى اللهم الله نبيك محمد وعلى آله وسلم تسليما ً كثيرا .
يتبع
الفقرة التالية
تأملات أبوريان في تعريف الشيطان )
مع أعطر التحايا
أبوريان الدبعي

..........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

*******************************************************************