تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية إمعان العقل في معرفة الدين:
الحمد لله رب العالمين ،القائل وفي أنفسكم أفلا تبصرون ،
والصلاة والسلام على المبعوث هدى ورحمة للعالمين ،
أيها الإخوة الأفاضل.... أعضاء منتديات ملة إبراهيم حنيفا،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....وبعد
إنني وأنا أضع بين أيديكم هذه التأملات لأرجو منكم قراءتها بعين العقل والبصيرة ووضعها موضع الممكن والمقبول ،وماذاك إلا لما تحتويه من رؤى جديدة وقراءة مختلفة لبعض ٍ مما علق في أذهاننا من بعض تفسيرات مجملها منقول من الإسرائيليات ،وما أعنيه هنا بقولي هذا ...تلك التفسيرات المتعلقة بالآيات الكونية والغيبية النسبية ،والآيات التي تتحدث عن الخلق الأول ،(عصر ما قبل وبعد النفخة ) و التي تـُركت من قـِبل الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفسرها لنا ـ لإندراجها تحت مصطلح المتاح أوالمسكوت عنه ..وهو باب من أبواب التأمل والتدبر و العبادات الروحية الفردية الغير مكلف بها الجميع ، كالعبادات المفروضة المعلومة لكل مسلم و التي فسرها وبينها لنا رسول الهدى من لاتتغير بتغير الزمان ولا المكان أو بأختلاف العلوم والعقول ـ قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا )
فعند هذا نحن نقف .. ونسلم فلا نقول لماذا وكيف ،لأن الله ورسوله قضيا وهذا فيما يتعلق بأمور ديننا وعباداتنا ،وأما مادون ذلك فمباح لنا التفكر فيه مع الإشارة إلى أنه من المباحات أن نتفكر في الحكمة من العبادات والفرائض لأن هذا يزيد المرء إيمانا بربه إذا لم يكن متبعاً لهواه .وتأملاتي هذه هي أبعد ماتكون عن ملامسة العقيدة أو المسائل الفقهية المحسومة بين العلماء،وإن اختلفوا في البعض منها ،كذلك ليس فيها تحريم لحلال أو دعوة لتحليل حرام ،أو مناهضة لفكر أو تغليب لمذهب ، إن هي إلا تأملات متجردة في خلق الله وآياته المباحة شرعا ً ،وإبصارُ ُ بعين العقل الذي أهمله الكثير بحجة أنه يُضل ومضل ،مستندين على القول بعدم العقلانية والتفكر في الدين ،وهذا من الأخطاء الفادحة والشائعة التي نتناقلها جيلاً بعد جيل دونما تدبر في آيات الله التي تحرضنا على العقلانية وتحفز عقولنا على البحث والتفكير.. فالدين يا أحبائي لا يُعرف ولا يُكلف المُكلف إلا بالعقل ، فكيف نخشاهُ وهو مركز التلقي الرباني والنور المتجلي فينا ،إذ لولاه لما سمي الإنسان إنسانا ؟
وما المرفوض في الدين والمذموم إلا الهوى وأتباع النفس الأمارة بالسوء المنصتة لوساوس الشيطان ،
لأن الشيطان لاسلطة له على العقل مطلقا....
كيف وهو الذي رفض الخضوع لسلطانه حين أمره الله بالسجود لأدم العاقل ؟ فكان من باب أولى أن لايخضع العقل له ؟
إذ تكمن جل سيطرته على النفس التي هي مركز الشهوات والرغبات والتهيجات ، من تنصت إليه وتتبعه لأجل إشباع غرائزها وشهواتها فهي المتلقي الأول لوساوسه ، وأما العقل فلايخضع له أبدا حيث لاشهوة له ولارغبة إلا العلم والمعرفة والبحث والتحليل والتصنيف ... وهو من هو المسخر له مافي السموات ومافي الأرض ،وتأملوا معي ماذا قال الله تعالى : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } (البقرة:44)
انظروا إلى مكانة العقل هنا وتأملوا ؟
وقال أيضا ً :
كذلك يحي اللهُ الموتى ويريكم آياته لعلّكم تعقلون)
وقال أيضا ً:
إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار لآيات لأوْلي الألباب)
وقال أيضا َ:
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً).
لاحظوا قوله تعالى ،لا يجدون في أنفسهم حرجا ً...ولم يقل في عقولهم أو ألبابهم ،وكأن النفس هي من ترفض الحق وتأباه لأن الشيطان لا سيطرة له إلا عليها ،فهي مركز الإتصال الوسواسي المباشر له ؟
وفي القرآن الكريم الكثير والكثير من الآيات التي ترفع من شأن العقل ولا تذمه أبداً بل تجعله هو المخاطب والمناط به هداية الإنسان إلى جادة الصواب والطريق المستقيم ، فهو المدير على النفس والمسئول عن هدايتها ؟
ولاننكر بأن نوازع النفس والهوى هما من يرفضان الحق ويضلان صاحبهما ،أنظروا معي قوله تعالى في النفس والهوى قال تعالى :
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا)
وقا ل أيضا :
وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)
لو عقلوا ..ولكنهم لم يعقلوا ؟
وقال أيضا ً
وما أبرئ نفسى إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم وقال ايضا : لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لاتهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ...
لاحظوا وتأملوا قوله بمالاتهوى أنفسهم وليس عقولهم ، فالعقل كما قلنا هو الهبة الإلهية والمنحة الربانية التي وهبها الله للإنسان وكرمه وميزه به عن سائر المخلوقات الأخرى،فحسبه أنه وعاء الحق ومُمحصه ِ وحاضنه .. فكيف بعد هذا يكون مضلا لصاحبه ؟؟
إن الله سبحانه وتعالى قد جعل العقل للإنسان نوراً يهتدي به إليه ويدرك وجوده ُ ويرشده للإيمان به سبحانه وتعالى وإلى معرفة دينه ويميز به الحق من الباطل ،ولا يكون المرء مكلفا شرعا إلا به ،وكأني به ، بوصلة الحق التي تحدد أين موقعه ومكانه .
ورب قائل ٍ يقول لي ،أنت من العقلانيين ؟ ،
أقول وماضرني أن أكون ممن خاطبهم الله وميزهم بالعقل وأمتدحهم بقوله يا أولي الألباب؟؟.
(رغم أني لا أرى أن هنالك مخلوق أسمه العقل ، كجزء كامل مستقل بذاته مُركب في جسم الإنسان؟
لا تتسرعوا في الحكم
في أخر هذه المقال سأوضح ذلك ؟؟!!)
وتأملوا معي هذه المطابقة ،
الإيمان يؤدي بصاحبه إلى رضى الله ومن ثم إلى الجنة
أفلاتؤمنون.
والعقل يدل صاحبه إلى طريق الإيمان
افلاتعقلون .
ولو جمعنا معناهما معا ً لأصبحتا هكذا
لوعقلتم ..لآمنتم ؟؟؟؟
فهما وجهان لعملة واحدة ...أسمها( الإنسان المستقيم عقلا ً وإيمانا )
فيجب علينا أن لانغفل العقل عن التدبر والتفكر والسؤال والبحث فإن به يرتقي الإنسان ويزداد علما ،،وقل ربي زدني علما )
ونقول لمن لايعتمد على العقل ، أنه يسير خلف هواه ونزعات نفسه وما وجد عليه أبائه ومذهبه ؟
فما العقل إلا سفينة نجاة....
كما يجب علينا التفريق بين الغيب المطلق الذي لا يستطيع العقل الوصول إليه وإدراكه ولا التفكير فيه... لمحدودية ما خـُلق له ....وبين الغيب النسبي الذي كان غيبا ً لبعضنا فأصبح حقيقة وعلما للبعض الأخر ،
والغيب المطلق هو :
ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ،
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)
ولم يكن له كفواً أحد)
هل فهمتم ماأعنيه ؟؟
أما مادون ذلك فمتاح للعقل أن يتفكر فيه ويتدبر،
فياحبذا لو نتدبر ونتفكر ولو لحظات من خارج أمكنتنا المادية وعالمنا الجسماني الفاني .. لنتعرف على
الما ورائية ؟
فنرسل خيالات عقولنا إلى ما ورائيات الأجسام لننظر بها الملكوت الأعظم الذي نجسمه دائما ًمن خلال تصويرنا له حين تعجز مداركنا عن رؤيته ؟ ، وليتنا نشاهد العالم الماورائي المحيط بنا بصورة مختلفة مكملة لما نراه من ماديات لندرك روعة الوجود، وروحانية الملكوت ، فنحن ما أن نسمع بأمر ٍ ما غيبي أو حسي أو ما ورأي هرعنا إلى خيالاتنا نطلب منها أن تصوره وتجسمه وتمثله لنا لنراهُ ماثلا ؟؟
مع علمنا بأن الكون كله ليس مادة مرئية فقط ،على الأقل من منظور إنسان محدود الطاقات ،فالملائكة والجن وعالم الفيزياء والفضاء والضوء وكل مايحتويه الكون ،وكذلك مركبات الإنسان كالنفس والعقل والمشاعر والخوف والفرح والحب والرغبات والتصور كل ذلك ليس بماديات ،فيا حبذا لو رأينا الكون من نافذة روحانية عقلانية نورانية لنرى من خلالها صورا لم نراها من قبل، لنجرد أنفسنا عن الماديات التي تلازمنا وتحاصرنا في كل مجالات حياتنا لنسمو بها قليلا ً عن طينيتها ،
وياليتنا أيضا ً أن لانكتفي بما نقل إلينا من قوالب فكرية قبلناها كما هي وجعلنا عقولنا أوعية لها تتلقفها كل حين فأضحت لدينا من المقدسات ،مع علمنا أن من فكر فيها قبلنا قد مر بمرحلة الاستمتاع التدبري والفكري والخيال الماتع المتأمل ليصل إلى ماوصل إليه من حقائق وعلوم أتى فوضعها لنا على شكل صور ٍ تقريبية فوق صفحات ميتة وحروف خرساء اعتمدت على علمه وفهمه الزمني والمكاني،
وليس المتأمل كالمتلقي ؟
فتلقفناها من دون تدبر ٍ أو تفكر، مما جعلنا لا نحس بروحانيتها ولا بحلاوة تأملها .. فما كان منا إلا أحدى حالتين ،
إما متمسك بها رافض لغيرها لما ترسخ في عقله الباطن الذي استشربها حتى أثملته ..فأضحى لا يقبل ممن يعارضه شي وماذاك إلا لجهله بمراحل تكوينها وولادة وجودها في كنهات الفكر وظهورها بعد ذلك إلى عالم المادة،
وإما تائه في مهب الريح ،فهو لا مع هولاء ولا مع هولاء ..مذبذب بين ذلك لعدم ثقته بمافـــُكر له ووصل إليه مقولبا.
لذا فلتقبلوا مني ماسوف أضعه هنا بين أيديكم (فضلا ً لا أمرا )... بعقل لايقبل إلا بكل ماهو منطقي ومقبول ومستدل عليه ،ولتبحثوا عن كل ماسوف ترونه غريباً عليكم ومفهومه لم يصل بعد إليكم ومحصوه بمحمصة عقولكم وتدبراتكم بعيدا ً عن المؤثرات الموروثة ،ثم أحكموا ،وأنا لكم صدر رحب ..يقبل كل رأي لايوافقه ُ.
(إشارة إلى الأسلوب الذي أنتهجته في التأملات )
إن أسلوبي الذي أعتمدته في تأملاتي يرتكز على رويتي إلىأن كثير من آيات القرآن الكريم تحتاج منا أولاً إلى وضع فكرة لها أكثر من مجرد تفسيرها التفسير النمطي التقليدي العابر الذي لا يفسر معانيها ولامقاصدها أوفكرتها ومرادها بشكل مترابط ،ثم بعد ذلك عرضها على تلك الآيات فإن وافقتها ولم تخل بها أو بأي أمر عقدي أو محكم فهي هي ، وماهذا إلا لأن تلك الآية أو الآيات إما أن تكون إشارة إلى أمر ما لم يكتشف مفهومه أو هي إخبار عن أمر غيبي من أمور الآخرة أو عن حدث لابد من الإحاطة به ،فمثلاً آية ،نجعل صدره ضيقا ً حرجا ًكأنما يصعد في السماء) ،هذه الآية ماكان للسلف أن يفسروها كما يجب لعدم العلم بالمقصود لأنها تحتاج منهم العلم بمسالك السماء وبما فيها ليدركوا المراد منها،وقد عُرف معناها في عصرنا الحاضر بفضل العلم الحديث ،كذلك لو أن آية تحدثت عن أمر قبل بداية الخلق ليس لها مايفسرها في غيرها ،فإن هذه تكون حكمها حكم التنظير ،وهو أن توضع في نظرية لمعرفة مقصودها كأن تكون الآيات أو الآية تتحدث عن أمر لايعرفه أحد من قبل فتأتي لتعطي إلماح لقضية ما ، لم يكن لتعلم لولا وضع هذه النظرية فلانستطيع تفسيرها إلا بها وبالطرح المتكامل لها.كأن نقول مثلا ً أن آدم لم يكن فردا بل مجموعة ولم يتشكل خلقه من الطين كهئية التمثال بل مر بمراحل عدة ومنها الماء والطين والنبات وبشر ماقبل النفخة و..و.....الخ وهذا كله لايعرف تفصيله بوضوح إلا بوضع نظرية متكاملة ومترابطة من منطلق العلوم المختلفة لنصل في النهاية إلى معرفة جميع الجوانب المحيطة بمايجب معرفته مستدلين على ذلك كله بإشارات القرآن الكريم المتكررة في جميع السور لنكون من ذلك فكرة كاملة الأبعاد متعددة النقاط .. أما أن نضل نفسر كل آية على حدا وفي منأى عن الأخرى فهذا لن يوصلنا إلى معرفة المراد والمقصود.
.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
_______________________
(فصل في مسمى العقل )
أولاً: معناه في ( اللغة ) :
العقلُ: العينُ والقافُ والّلام أصلٌ واحدٌ مُطردٌ يوضح عُظم الشيء في حبسه فيه أو ما يقارب ذلك.
العقلُ: العينُ والقافُ والّلام أصلٌ واحدٌ مُطردٌ يوضح عُظم الشيء في حبسه فيه أو ما يقارب ذلك.
وهو مصدرُ ( عَقِلَ )، يَعقلُ عقلاً فهو معقولٌ وعاقلٌ.
وأصل معنى العقل: هو المنع، ويقال فيه أيضاً عَقِلَ الدواء بطنه، أي أمسكَهُ.
وعَقِلَ البَعيرَ: إذا شُدَّ الساق إلى بقية الذراع بحبل واحد لمنعه من الهرب
وأصل معنى العقل: هو المنع، ويقال فيه أيضاً عَقِلَ الدواء بطنه، أي أمسكَهُ.
وعَقِلَ البَعيرَ: إذا شُدَّ الساق إلى بقية الذراع بحبل واحد لمنعه من الهرب
العقل الإمساك عن القبيح، وقَصرُ النفس وحبسُها على الحسن.
ويقال عقل الشي ،أي أدركه وعلمه ،وعقلت الشي أي أدركته وعلمته ورجل عاقل أي عالم مدرك والعقل كالفعل ،
وقيل لرجل وصف - نصرانياً - بالعقل ( مه ) إنما العاقل من وحَّد الله وعملَ بطاعته وقال أصحاب النار ( لو كنا نسمعً أو نعقِلُ ما كنا في أصحاب السَّعير ) وعلى ذلك فليس كلُّ صاحب ( دماغ ) عاقلاً ولو ظنَّ نفسه - مفكراً - أو وُصف بأنه - فيلسوفا - أو – عقلانيا> أنتهى .
ومن هذا وغيره نقول لم يرد في القرآن الكريم ولا آية واحدة تقول أن الله خلق للإنسان عقلا ً كجزء ٍ مستقل ٍ بذاته ؟ّّّ!!!!
لاتتعجبوا أبدا ً وأنتظروا ،
فقد قال تعالى :،أنشاء لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ً ماتشكرون ،
فالسمع ناتج عن إعمال وفعل الأذن والبصر أو النظر ناتج عن إعمال وفعل العين
والتعقل ناتج عن إعمال القلب أو الفؤاد الذي هو باطن القلب ،قال تعالى: لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم اضل أولئك هم الغافلون ،
فهل بعد هذا سياتي من يقول أن هنالك مخلوق أسمه العقل كمخلوق مستقل بذاته أو كجزء من تكوين وتركيبة الإنسان؟؟
وهو الذي لم يذكر إلا كوظيفة استقطابية هامة لجزء فاعل من أجزاء الجسم ألا وهو القلب النابض أو الفؤاد محل نظر الإله وتلقي الإلهام والوحي والفكرة ؟ أوليس القلب هو محل النظر الإلهي والنور المتصل بين الهدى المفطور عليه الإنسان وبين نور الله ؟
إن الله لاينظر إلى وجوهكم ولا إلى أجسامكم بل ينظر إلى قلوبكم التي في الصدور أو كماقال حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فياأيها الأخوة إن مانسميه عقل ماهو إلا محلل للأحداث و فلتر فكري دقيق وحساس يقوم بعملية التحليل المجرد والتحليل المتسلسل وتنظيم طريقة التفكير والحوار المبني على أسس منطقية وبيانية ومساحة تفاعلية فيزيائية منفصلة عن الجسم متصلة به مرتبطة بعوالم أخرى يستقبل منها جملاً خاماتية مجملة يقوم بتحليلها وتجزئيتها ثم تصنيفها وفرزها ليستخرج منها إصدارات فكرية متكاملة ومترابطة تتنوع بحسب المُدرك ومن ثم يقوم بتوزيعها على خلايا الدماغ التي بدورها تقوم بنقلها للذاكرة ليُرجع إليها حين الحاجة من بعد أن يقوم بنقلها إلى العضو المعني بالوارد والصادرعنها فعله فيكون نصيب واستقبال كل جزء من مركبات الجسم بحسب حاجة كل جزء منها ،وبعد هذا يأتي الفعل الذي ينشأ على ضوء ذلك الإستقطاب والفلترة والتحليل والتصنيف والتوزيع يأتي على شكل فعل أو قول؟.
فصل في النساء ناقصات عقل ؟:
ولنا وقفة مع قول رسول الله عن النساء بما معناه مارأيت ناقصات عقل ودين ...إلخ يقصد به النقص في الإحاطة بأمور الحياة لقلة الخبرة المتاحة لهن في ذلك ،أو الإدراك الوعيي بسبب تغلب العاطفة لديهن على العقلانية ،فإحاطتهن بماعلمنَّ وإدراكهن لما سمعنَّ يكون بوعاء العاطفة وليس بوعاء التعقل ـ وما قول الله عن شهادتهنَّ التي قال لتذكر أحداهن الأخرى في حال أن تضل إحداهن ــ إلا لأنها يهوي عقالها وتعقلها عند الأمور التي تحتاج إلى حزم وقرار، فتكون عاطفية أكثر منها عقلانية ، بعكس الرجل ، فهو عقلاني ،
وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ) هنا فؤاد الأم العاطفي
(وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين. رب هب لى من الصالحين. فبشرناه بغلام حليم. فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى )وهنا فؤاد الأب العقلاني
(وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين. رب هب لى من الصالحين. فبشرناه بغلام حليم. فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى )وهنا فؤاد الأب العقلاني
وكل ُ ُ مصدره القلب أو الفؤأد...ولو ضربنا لهذا القول مثالاً بسيطاً من حياتنا بشخصين أحدهما عاش في البادية وصحرائها وشمسها وريحها وصعوبة العيش فيها وقساوتها ، وآخر عاش في مكان استوائي تتوفر فيه الأمطار والأشجار والعشب والمناظر الخلابة وأعتدال المناخ ورخاء العيش وتوفر الإحتياجات ، وعرضنا عليهما قضية مصيرية واحدة سنجد بأن كل واحد منهما قد رأى رأيه ُ فيها من واقع تكوينه المناخي والمعيشي ومن واقع تشكل نفسيته المتأثرة بمحيطه وبيئته كذا هو الأمر عند المرأة والرجل فمناخ الفؤاد النسائي مناخ عاطفي رقيق حساس راجع لمكوثها في البيت وملاصقتها بأبنائها الذين تقوم برعايتهم والعناية بهم بعاطفتها وحبها وخوفها عليهم ، ومناخ الرجل عقلاني قوي صارم يرجع إلى طبيعة المجتمع المتشكل منه وإلى ما يمر به من أحداث يومية في مجال عمله ومجتمعه ومحيطه ،وقد رأينا في عصرنا الحاضر وشاهدنا نساء علت سدة الحكم والسلطة وأستطاعت أن تنافس الرجل في كثير من المجالات التي كانت حكرا عليه بل وتغلبت عليه في كثير من الأحيان وماهذا إلا من طور تشكلها المختلف عن مثيلاتها ربات البيوت بسبب تفاعلها مع المجتمع وأنخراطها في تنظيمات سياسية ومنافسات ومشاركات في مالم يكن متاح لها من قبل ،مما كون لديها إرتفاع في العقلانية وإنخفاض في العاطفة .
ولعل كثير من الرجال يتباهى بهذا الحديث ظنا ً منه أنه هو المالك للعقل الكامل ولم يعلم بأن هذا نوع من التكامل بين الجنسين فإنخفاض هذا يقابله إرتفاع في ذاك ،لأن تعقل الأثنين يعني إنخفاض في العاطفة وربما محوها وإرتفاع العاطفة يعني إنخفاض في العقلانية وذهاب الأمور في حيص بيص ،ولكن التوازن فيمايملكه الطرفان يجعل سفينة الحياة تسير في اعتدال وأمان.
وإليكم هذا التناظر الطريف
المرآة جميلة ________مقابل قلة وسامة الرجل بل وقبحه في كثير الأحيان
القوة البدنية عند الرجل وهي قوة عضلية____مقابل قوة التصبر عند المرأة في تحملها أعباء تربية الاطفال والحمل وهي قوة تحكم بالأعصاب.
عاطفة المرأة ____يقابلها عقلنة الرجل
كالشمس والظل،
نعومة صوت عند المرأة ____يقابلها خشونة عند الرجل ،
كثافة شعر جسد الرجل ____يقابلها نعومة عند المرأة
الحياء عند المرأة ____يقابلها (؟؟؟؟)عند الرجل؟
ولعلي أرى بأنهما قطبين ذواتا أنجذاب لبعضهما يلتقيا في نقطة التكامل سالب وموجب ؟
ونخلص من هذا كله إلى أن لكل واحد منهما قسمته التي أختصه الله بها فلا يتعالى أحدهما على الآخربمايملكه ، لأن مايملكه هذا يفتقر إليه ذاك ولعل هذا يجعلنا ندرك مفهوم العدل والتوازن بين الرجل والمرأة الذي أتى به الإسلام وليس المساوى التي يأتينا دعاتها من حين لآخر محاولين انتزاع الاعتراف بالمرأة وكأنها أتت من كوكب آخر يجب الاعتراف بها كأمر واقع، بل وكأنهم بهذا الإدعاء يضعون الاثنين في كفتي ميزان ليساوي أحدهما الآخر فإن رجح الميزان لأحدهما سارعوا بمطالبة الآخر بمازاد عنده ،وكان الأولى َ بهم و عليهم أن يضعوهما معا ً في كفة وأن يضعوا في الكفة الأخرى عبارة (الإنسان)،،لأنهما معا ً يساويان هذا العبارة ،فهما معاً يمثلان شطري الإنسان ،فالواحد منهما بدون الآخر لايكتمل .
أوليس هذا هو التفسيرالمنطقي لأمور عجزنا عن تفسيرها فيماسبق ؟؟ حتى أن البعض ذهب إلى قياس حجم دماغ المرأة وأطلق الصيحات حينما أكتشف صغر حجمه ناسيا ً أن العقل أو التعقل لاتربطه بالمخ علاقة مباشرة ، فمن يعقل الأمور أي يدركها ويحكمها ويحيط بها حتى لاتنفلت هو القلب أو الفؤاد قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
لاحظواعبارة (قلوب يعقلون بها ،
قلوب يعقلون بها،
وكأن القلب هو من يعقل وليس مانسميه بالعقل الذي نروج له ونشير إلى وجوده في رؤوسنا و هو الذي ليس إلا أسمُ فعل ٍ لما فُعل فِعله ...وفاعله هو القلب النابض،
وما الدماغ أو المخ إلا منظم (كهروحركي )لأعضاء الجسم وفيه تكمن الذاكرة مخزن إستيرادات القلب ومصنفاته ولعل هذا مايفسر لنا بعض أسباب الصداع الناتج عن كثرة التفكير... فالقلب بعد قيامه بالتحليل والتصنيف يقوم بوضع المصنفات في مخزن الذاكرة التي بدورها تتلقى المصنفات الواردة إليها فينتج عن هذا بعض الألام البسيطة للدماغ بسبب الشحنات المعلوماتية القوية المترددة المرسلة إليه ؟.
الذاكرة في نظري:
تنقسم الذاكرة إلى قسمين رئيسين ،الأول ، ذاكرة وهمية ، كمايسميها العلماء وأسميها أنا الذاكرة (المنفصلة) وهي تلك المخزون الهائل الموجود في ملف كل واحد منا ... من تحتفظ به الملائكة الكتبة ... وهي عبارة عن معلومات قولية وفعليه تنشر لنا يوم الحساب فلاتغادر صغيرة ولاكبيرة ’ والثانية هي الذاكرة (المتصلة) الموجودة في ملف الدماغ والتي تشمل الفعل والقول والإضمار (مايخفيه الإنسان بصدره ) وهذه تضعف كلما كبر الإنسان وشاخ ، و كلا الذاكرتين وظيفتهما حفظ الكليات المتضمنة للجزئيات، التي نقلت إليهما عن طريق الحواس أو التفكير والتحليل أوالإضمار ، وحين الرجوع إليها تقومان بإعطاء القلب الصورة الكلية للواقعة أو الحدث المُتذكر ليقوم بعملية التحليل لها ومراجعتها من جديد ليصنفها مستعينا ً بما بقي من ملامحها وأبعادها ثم يقوم بتركيبها مرة أخرى ليكون منها صورة جديدة فيراها أمام عينه التصورية لتستشعرها الحواس بحسب نوع المُتذكر حزناً كان أو فرحا ً أو غيره فتحدث ردة الفعل النتاج الأخير لهذا الإسترجاع،؟، .
هذا والله وحده أعلم .
:يتبع :
في الفقرة القادمة ــ تمهيد لقراءة التأملات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
*******************************************************************