Cool Red Pointer
Glitter -->

شريط الإهداءت

السبت، 30 أكتوبر 2010

( تأملات أبوريان في نعيم الأبدية )

_____

تأملات أبوريان في بداية خلق الإنسان
(نعيم  الأبدية)
كلنا يأمل ويطمع في أن يكون له في جنة الخلد مكانا....
 وفي فردوسها الأعلى منزلة  وسُكنا وحسن مآب،
كما قال رسول لله صلى الله عليه وسلم بما معناه ،إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى ،
ومنا من يقول :كفاني بأن أنجو من نار جهنم وسعيرها الدائم  فاي مكان في الجنة سأرضى به .
وكلنا يعلم أن نعيم الجنة الأبدي لا يمكن لأحدٍ أن يعلمه أو يحيط  بكيفيته ولا بمكانه إلا من خلقه وأوجده  .
ومما قيل  في الجنة ...أن  فيها مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر ،وقد وردت الكثير من الآيات التي تقرب لنا ملامح هذه الصورة التي تجاوزت في عظمها ونعيمها مفردات اللغة الإنسانية جمعا، واستيعاب عقولنا المحدودة ، فما كان من الله إلا التقريب لها بضرب الأمثال ووصفها بلغة الدنيا وصورها المعلومة لنا مطوعاً أعظم لغة للإنسانية من أجل ذلك  لكنها عجزت هي الأخرى عن الوصف فماكان من مقربٍ لها  إلا المثل ؟،
وقد قال المثل بأنها جنة عدن ونعيم مقيم وفيها كل مايشتهيه المرء وفيها أنهار من كل شئ وفواكه وحور عين وليس فيها شمس ولاحرارة ولاتعب أو نصب ....الخ،
ومن علمائنا من حاول تصوير بعض ملامحها  من باب الترغيب فيها والتحبيب بجنتها ونعيمها الدائم المقيم ،
فمنهم من قال أن تربتها زعفران وسقفها عرش الرحمن مستندا في ذلك إلى بعض الأحاديث النبوية ومنهم من قال أن فيها أسواق ولبسها الحرير وأساور من ذهب وفضة وسندس وهي كلها مشاهد ورد بعضها في القرآن الكريم ،ولكن الواقع هو فوق مفردات اللغة وفوق وصف العين وسمع الأذن ،
لهم فيها ماتشتهي أنفسهم ،
لو لم يذكر الله عن الجنة والنعيم سوى هذه العبارات لكفى بها نعيما ...
فهي تحتاج منا إلى   قرون لكي نرصد ماهي مشتهيات الأنفس كلها ، والتي جميعها متحققة بإذن الله ،
والآن دعونا نقف على شواطئ النعيم الأبدي اللازمني اللانهائي لنتأمل قليلا ً ونقول :
،هو نعيم لابد وأن تكون فيه أمور ..
منها :
ــ الأجسام القادرة والقابلة على الاستمتاع والغير متأثرة بمرور الأبد عليها حيث لابد وأن تكون متجددة لتتشبع  بالنعيم المقيم فلاتشيخ ولاتهرم .
 ــ  التحفيزالمستمر للأنفس المنزوع منها الغل والحزن والبغض والحسد لكي لا تنشغل بغير نعيمها .
ــ التنوع اليومي إن لم يكن اللحظوي في كل موجود في الجنة لكي لايمل المتمتع والرائ والمستشهي من رويته في كل نظرة يلقيها إليه .

ــ إلغاء الملل والسأم مع إضافة التشوق الدائم لكل مالم يُرى بعد من الجديد الذي يتوالى تنوعه وجديده في كل لحظة .
ــ الحور العين اللواتي يتصورن  في كل لحظة بحسب ما يريده الرأي لهن وبحسب المواصفات الأخروية..وليس على أساس المواصفات الدنيوية المبنية على الموجود وعلى التراكمات الطلبية المتفاعلة المتأثرة .
ــ وقوف الزمن وثبوته حيث هو ...مع حركة المكان وتجدده  ,
لأن لو كان للزمن هناك  بداية فلابد من أن يكون له نهاية لذا لابد أن يلغى الزمن من نعيم الأبدية حتى يتلذذ المقيم بما أتاه الله  فلايحس بقرب النهاية المنعدمة هناك ولايحس بالأعداد المتوالية وبالتالي مرور الزمن عليه مع تجدد المكان الدائم والمتجدد المفرغ من الزمان ،وماهذا إلا بقدرة الله وأسبابه .
ــ الإستغرااااااااااااااااااق في التنعيم .
التذليل المطلق لكل ماهو موجود في الجنة لمشتهيات النفس وطلباتها .
ومن نافذة الدنيا الضيقة التي نطل من خلالها على نعيم لايقاس بمقاييسنا ومعاييرنا ،
نقول: تتكرر دائما ً عبارة الأنهار كلما ذكرت الجنة .....فمرة تجري هذه الأنهار من تحتها ومرة تجري تحتها فقط ؟
وكأنها جزر أبدية تجري فوق أنهار الجنة فتطوفها طوفا لتمضي في سيرها الأبدي نحو اللانهاية؟
أي أن المكان الذي يكون فيه المتنعم   هو دائم التنقل في أرجاء الجنة ونعيمها وأمكنتها التي لانهاية لها والتي تسبح فوق أنهار الجنة الخالدة؟ وأن ليس له مكانا ً ثابتا ً بل دائم الارتحال في نعيم الأزل عبر أمكنته المتحركة وزمانه المنعدم؟ فالثبات في مكان واحد يعني التكرار والملل من ما تعود المرء على رويته؟
 وهو مشهد  لايمكن لعقولنا  أن تحيط به أو تدركه أو تتصوره  .
كما تكررت  أيضا بعض المسميات لفواكه ومشروبات دنيوية ، وقد قال بعض المفسرين في هذا  أن التشابه فقط في الأسماء وليس في اللذة والطعم كتشابه لفظ الجنة التي لها من الشبه الدنيوي الاسم فقط ،
 وبالرغم من ثراء اللغة العربية بالمفردات والأوصاف والمجاز والتشبيه  حاول القرآن الكريم إيصال صورة مقربة للإفهام معلومة لعقل الإنسان ..ولكن علم العبارات والصور لن تغني  عن لغة  اليقين شي والتي لاتصفها إلا الأبدية والولوج فيها والتنعم في أحضانها .
ولقد حاولت الأمثلة  أن تأتي بما يشتهيه الإنسان من خلال رسم تقريبي لبعض مايحبه ويرغبه  في دنياه وتقريبها له،
فرسمت له الحور العين مقابل النساء والظل مقابل الشمس والأنهار من الماء واللبن والعسل والخمر مقابل مايشتهيه في الدنيا من مشروبات ومن الفواكه مايتلذذ في أكله وشربه ...و كلها صور تقريبية  لكنها  لاتمت لما في الأخرى بصلة  إلا  الأسما التشويقية فقط ....
 إذ إنها فوق الوصف اللغوي والعقلي للبشر ،
فمثلا ضرب لهم مثلاً للجنة التي عرضها كعرض السموات والأرض وهي التي لاحدود لها لتوسع نعيمها وتجدد أمكنتها وديمومة زمانها ومكانها .. فقال مثل الجنة وليس أصل الجنة وهذا  ليقرب للإفهام أن الجنة عظيمة في نعيمها وليس في مساحتها فقط ...والمساحة التي ضربت للمثل من المساحات المعلومة للإنسان وبمقاييسه ومعاييره الدنيوية.
ويكفينا في هذه الجنة  أن العيش فيها لايكون بأسبابنا  التي كانت في الدنيا ولا بقوانينها ونظمها بل بقوانين الله الأبدية اللامتناهية والتي جعلها متصلة بحالة الرغبة والاشتهاء لدى سكانها ....فما أن يشتهي المرء أمرا ً وجده حاضرا ً في حينه ولحظته بين يديه ...فلا يتعب في نيله أو في الحصول عليه وماهذا إلا للاتصال المباشر بين اشتهاء النفس والمُشتهى .
موقع الأبدية في عالم الوجود :
والأبدية أو الخلود هي مكان واقع  بين الموت والحياة فلاهي حياة بمفهومنا المتعارف عليه من تجري عليها قوانين  الزمان والمكان والنقص والعلل والانتظار والترقب والحدود الزمنية والمكانية والأبعاد ، ولاهي كالموت الذي لامكان فيه ولاحركة ولاشعور ولا إدراك ولا تفاعل ،، فهي حركة بلا زمن ونعيم بلا أسن وديمومة بلا مدى وتلذذ واشتهاء بلا انقطاع وأبدية بلا نهاية وبقاء بلا فناء وتفاعل بلا ملل وأخذ ُ ُ بلا كلل وعمرٌ بلا عِلل .
مراحل حياة الإنسان :
 للإنسان في صيرورة  وجوده ..مراحل حياة مختلفة فهو قد قد كان عدماً في عالم الموت الذي انبثقت منه الحياة ؟
ثم خلق نفسا ً بعد العدم أخذت من روح الله حياتها فسرت بها في ملكوته تبحث عن إشباع  رغباتها وتصبو إلى جسم تسكن فيه  ؟
،ثم هبطت إلى أسفل سافلين في الأرض لترتدي جسماً  من تراب الأرض الفاني  لتـُمتع من خلاله ولتذوق مثلا ً من مثل الآبدية إلى أجل ٍ مسمى؟

ثم تنتقل  إلى الآخرة عبر تذوقها الموت الأول  لتولد هناك في هيئة ٍ أخرى نهائية وأبدية ....و تعطى  صورة أخرى تتواءم  والأبدية التي ستخلدها...فإما   أن تنعم وإما أن  تعذب وكل ذلك لها أبد .
ودعونا نتجاوز حدود الجراءة في الطرح ونقول هل الأخرة مخلوقة ؟؟
وبعبارة أخرى هل الجنة مخلوقة ،وهذا بالطبع  لايقابله أنها غير موجودة ؟
لأنها بالفعل موجودة ...ولكن ماأعنيه هنا هو :هل خلقها الله أم هي مخلوقة من قبل السماء والأرض ،؟
أم أنها تبنى بالأعمال الصالحة التي يقوم بفعلها الإنسان في دنياه من خلال الأقوال والأفعال ..كما ورد ذلك ،إشارة ،
في بعض الأحاديث النبوية والتي ذكرت أن الإنسان إذا ما فعل خيرا أو ذكر الله أو سبح أو بني مسجداً .. بني الله  له بيتاً في الجنة وقيل قصراً وقيل خيمة وقيل نخلة أوشجرة  وغيرها من المكونات البنائية للآخرة ؟
وكما نعلم  جميعا ً أنه  لم يرد ذكر خلق الجنة  ضمن مخلوقات الله ؟
ففي القرآن الكريم لم  ترد ولا آية واحدة تشير إلى أن الجنة قد خلقت ؟ كماهو الحال  في بقية المخلوقات  مثل السموات والأرض ومابينهما؟
 فلم يقل الله أنه خلق الجنة والنار كما قال خلق السموات والأرض ،؟
 أم أنها من الأبديات الأزليات  التي ما وجدت لتفنى كباقي المخلوقات التي لها بداية ونهاية ،وزمانها هو كزمان السير في الدائرة  التي لا بداية لها كما أنه لانهاية لها ؟
أم  أن وجودهما متعلق بثواب الله وعقابه ، رضاه وسخطه، فخلق من هاتين الصفتان جنة ونار ... كما خلق من صفة الخالق الكون وسيخلق من صفة الرضى الجنة ومن صفة السخط النار ؟؟.
أم هي من غيبيات الله الغير مخلوقة؟؟
 أم هي أزلية الله اللا زمنية واللا مكانية  ؟؟فهي غير موجودة.... في ....بل  موجودة ...عند ...أي عند الله ؟
أم أنها ستـُخلق بعد أن تتبدل الأرض غير الأرض والسماء وتتغير معالم الكون كله لينتج عن ذلك أمران متقابلان ،
نعيم دائم
 وعذاب دائم ،
ويسميان، بالأبدية، والتي يدل أسمها على غير ما ألفناه من أسماء كالموت والحياة والبرزخ فهي عالم  من المثالية  الكاملة التامة والخير الخالص والعطاء الغير منقطع ،أنفصلا فيها الخير والشر عن بعضهما بعد أن كانا على صراع دائم في عالم الوجود الأول فأصبحا كل ُ ُ في جهته فلا تماس بينهما ولاتداخل ، فالخير أخذ جهة اليمين والشر أخذ جهة الشمال وبينهما سور الأعراف الفاصل  فلا أحد منهما يطغى على الآخر ؟

ولكن الله قد قال ( عندها جنة الماوى )،فهل جنة الماوى هي نفسها جنة الخلد ؟
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا)

قال الله : (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم)

(إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيراً)

(إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً . خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيراً)
(إِلا بَلاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )
{ ثم لا يموت فيها ولا يحيا }
أدخلوهآ بسلآم ذلك يوم الخلود., ...
وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)

ومهما يكن من أمرها فهي موجودة عند الله وإن لم نراها أو لم يذكر  بأنه قد خلقها ،فالحاضر والماضي والمستقبل كله عند الله وحدة زمن أبدية ثابتة ، فحين يتحدث عن أمر الآخرة فكأنه يتحدث عن ماضي وهذا ماأثبتته الآيات الكثيرات حين يأتي اللفظ معبرا ً عن المستقبل بينما هو  ماضي والعكس ،وكذا هو علم الله بالوجود علم ثابت لايتبدل فالجنة حق والنار حق ومن أنكرهما فقد كفر بأمر أثبته الله وجعله ثوابا ً وعقابا لمن أحسن في الدار الأولى ،
ولنقف قليلا ً عن قوله تعالى :
وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)
لماذا لم يقل ،لهي الحياة ـ ليؤكد على أنها هي الحياة الحقيقية ؟

لقد بحثت لكم في كتب التفاسير فكان البحث كالاّتي:
الطبري في كتابه "جامع البيان في تفسير القراّن"يقول :أي إن الدار الاّخرة لفيها الحياة الدائمة التي لا زوال لها ولا انقطاع ولا موت فيها.

الزمخشري في كتابه "الكشاف" يقول:أي ليس فيها إلا حياة مستمرة خالدة لا موت فيها فكأنها في ذاتها حياة.ثم يضيف الزمخشري معللاً مجيء هذه اللفظة قائلاً:
الحيوان مصدرحي وقياسه حييان ،فقلبت الياء الثانية واوا.......ويكمل قائلا أن الفرق بينها وبين الحياة أن الحيوان على وزن فعلان وهو وزن يدل على الحركة والاضطراب.
الرازي في "مفاتيح الغيب" يتساءل فيقول :كيف أُطلق الحيوان على الدار الآخرة مع أن الحيوان نامٍ مدرك؟
يجيب الرازي قائلا:الحيوان مصدر حي كالحياة لكن فيها مبالغة ليست في الحياة والمراد بالدار الآخرة هي الحياة الثانية .
وهكذا نرى اتفاق المفسرين على معنى الحيوان والذي يختلف عن معنى الحياة وهي بحق لفظة لا يستطيع أحد أن يعبّر بها إلا العزيز الحكيم.
ويضرب الله مثل الجنة
مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم)
وهذا يختصر لنا كل ماسوف يرهق عقولنا في البحث ،
فمن عمل صالحا ً فله الجنة ،ومن أساء فله الجحيم ،
وكلاهما أبدية لا أنقطاع لهما ،
وصدق الله في كل ماقال ويقول وسيقول وفيما لم يقل......
جعلني الله وإياكم ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه وممن يدخلون جنته ويحضون برضوانه ،وأخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .
يتبع :
الفقرة القادمة (تأملات أبوريان في الإسراء والمعراج )
مع أعطر التحايا
أبوريان الدبعي

..........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

*******************************************************************